قصيدة وشاعر ..ريم الخش نموذجا
غازي الموسوي-ناقد عراقي
تقديم:
“”””””””””””””””
هذا النص الذي بين ايدينا اليوم لشاعرة راسخة عميقة التجربة باذخة الحضور ونعني بها الاديبة د. ريم سليمان الخش…
والحديث عن قوة شاعريتها ونضج منجزها ليس جديداً ،ولكن ما اثار انتباهنا -ليس في هذه القصيدة المركبة وحسب- وانما في عموم تجربتها الابداعية ثلاثة منطلقات لاريب عندنا في انها تهدف اليها بوعي عميق ،ويمكن لنا اجمالها بالتالي:
الاول: تحديث العمود الشعري ،بما يمنح متسعته مساحة شاسعة لمحمول كبير ومعمق،وهو مسعى يشاركها به ثلة من المبدعين الذين يشعرون عميقاً بهذه المسؤولية،منذ بداية النهضة العربية ،نهاية القرن التاسع عشر،وقد يعود الى تاريخ ابعد ،فلكل زمن معاصرته وحداثاته.،ولقد كان لنا مقال مطول سابق بهذا الخصوص..
.وعوداً على ذي بدء نقول ان الدكتورة ريم حريصة على اختيار اكثر الموضوعات عصرنة بما يجعلها في صميم اللحظة الزمنية الراهنة بكافة ابعادها النفسية والاجتماعية والابداعية والثقافية العامة،وذلك يستدعي بكل تأكيد تفجير طاقات القاموس الشعري الخاص محورياً والعام ايضاً في نفس الوقت،وتلك مهمة صعبة وكبيرة، لانها واسعة النطاق على مستوى الانزياح البلاغي والتصوير والتشكيل وكل مايتعلق بالمباني في جانب ،وعلى مستوى الموضوع والحدث والاطاريح وكل مايتعلق بالمعاني في جانب اخر..
الثاني: الجرأة الفائقة في طريقة التعاطي مع السياقات والانساق المبتكرة والمجددة، وفي نوع وطبيعة التناول ايضا،مع عدم الركون الى شكل رتيب مكرور ،بل تسعى بجد واجتهاد -منذ لحظة تعرفنا على نتاجها حتى الان- للتنويع والتجديد والابتكار كما اسلفنا..مع جرأة متقحمة في التوظيف والتوجيه والتوليف واستخدام القناع،وكل تلك الاساليب شديدة الارتباط بالحداثة بمعناها المعاصر ..
الثالث: لاحظنا في كثير من اعمالها الشعرية قدرتها المميزة على توظيف اساليب الحوار المختلفة بروح درامية تمنح النصوص حركية فاعلة بالغة التأثير ..وكمثال على هذا التوجه لفت نظرنا هذا النص الفاره، المكتوب على “بحر الطويل”.. فكان قرارمشاركته من هذا المنطلق ،بقصد وضعه بين يدي المتلقي الكريم،وليس بقصد دراسته،ولكن الطريق سالكة امام الزملاء النقاد الافاضل ان احبوا قراءته نقدياً ،وليس ما ذكرناه آنفاً سوى تقديم مبسط ترحاباً بزميلتنا الفاضلة مع عميق الاحترام ..
غازي الموسوي
“””””””””””””””'”””””””'”””””””‘”
قصيدة الشاعرة
د. ريم سليمان الخش:
“””””””””””””””””'”‘””””””””””””
(قصيدة وشاعرها…)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
غنائية بين القصيدة وشاعرها الأغرّ:
***************************
القصيدة:
…………
وجودك كابوسٌ ورفضك معْبرُ
وذاتك مصباحٌ بحرقٍ تُبصّرُ
على ظهرك الأيام ألقت بحملها
فلا أنت منفكّ ولا الحمل يصغر
ولاصخرة الأوجاع تنأى بصرخة
ولا همّة المغوار فيك تُكسّرُ
بُليتَ بلاءاتٍ وملحِ كرامة
وذاتٍ بصهوات الوجود تُصعّرُ
وخيلك في صدر القصيدة صاهلٌ
يعاند مجرى الريح حين تُزمجرُ
تمرّ على كهف الثُبات وتشتهي
وجودا هلاميّا وعقلك يُنكرُ !!
وفي العالم السُفلي أصداء شهوة
وحمى بأشباح القصور تُسعّرُ
وماكنتَ إلا من حروف مضيئة
تلجّ سويعاتٍ وثمّ تُنوّرُ
– الشاعر:
أماكنت في معنايَ خمراً معتّقا ؟؟
القصيدة:
بلى كنتُ في دنّ الشعور أُخمّرُ
فإنْ دارت النشوى أسيلُ تولّها !!!
ويشرب معناي الوجود ويسكرُ !!
فمائيَ أكسير الخلود مذاقه
لذيدٌ كما لو ذاب في الثغر سُكّرُ
ضفافي تعرّت كالوليد نقيّة
وأشجارها حبلى بشوقٍ تُكوّرُ
ويُسمع في الأرجاء نايٌ متيّمٌ
تثقّبَ من معناك وجدا ليعبروا
ويعبر مجرى الغيب مثل فراشة
تُشدُّ إلى وهْجٍ مشّعٍّ وتُصهرُ
فلا لحظة عادت لما كان قلبها
ولا قلبه الصوفيّ منك يُطهّرُ !!!
نديمٌ ومايرضى سواك خليله
حروفك إدمانٌ وكأسك مسْكرُ
الشاعر :
جديرٌ بذاك القلب أن يبلغَ الذي…
بصرتِ؟!
القصيدة :
نعم …إنّ المحبّ مبصّرَُ …
أتيتُ وقد أرخى الهزيع حجابه
ولكنّ مصباح الفؤاد منوّرُ
قرأت حروفاً في الزبور ومصحفاً
وهاتفني صوتٌ بأنّك أخضرُ !
فلا أنت في ظلّ العروش مكبّرٌ
ولا أنت من ضغط الخطوب مصغّرُ
الشاعر :
ولكنّ تلك الأرض محض خرابة
متاهة أنفاقٍ وجوّ مغبّرُ
كأحجية حمقى نحوم بلا رؤى
فلا آخر السرداب فجرا سيظهرُ
ولاغيمنا يحنو ويغسل طيننا
فتورق أشجار القلوب وتزهرُ
آيائل في كف الوحوش رهينة
حمائم عن أحضان كرمٍ تُهجّرُ
وعنقاء لا تدري أموتٌ أقامها
أم الساعة القصوى ..وبدرٌ وأعورُ !!!
هناك صدى الأرواح تشكو بحرقة
يسحّ من الجدران دمعٌ ممرمرُ
القصيدة :
بعزمٍ واصرار ستبلغ مخرجا
فعزمك مفتاحٌ وصبرك معبرُ
د.ريم سليمان الخش