تجاعيد الماء (37 – 38)

سوسن صالحة أحمد | كاتبة وشاعرة سورية تقيم في كندا

(خبر)

أخبرتنا الجدات: لاتصدقونهم، فهم لا مبتغى لهم منكن إلا ما تَعلَمن.. انزويت بعيداً عنهن، في ركن قصي من الحياة ومن الخبر، لأطالعني صورة ومضموناً، قلباً وقالباً، ظاهراً وباطناً، غصتُ في العمق مني، رأيتني مثلهم، لا تختلف بيننا إلا الصور الظاهرة في القوالب، قلتُ: أي بأسٍ في مخالفتنا للجدات؟ لهم زمانهم ولنا زماننا، وقد اختلف بأسهم عن بأسنا، وما أشكل الفهم قوالب!

اقتربتُ منهم لأجدهم قد صدقوا أننا لا نصدقهم، فباتوا يكذبون لنصدقهم، حتى صدق جميعنا الكذب فصار حقيقة، وهيهات أن يُصْدَق أننا وهم صدقٌ ويُصَدَّق، على بينة من الذات الواحدة.

 

(أمكنة الوهم)

قالت لي أمي: الجالس فوق الماء بيده أن يعطيك كل أملك، بهدايا أكبر وأكثر قيمة وأغلى، غير أن تعززك أولى، سيفاجئك فيما لو ترفعت عن أحلامك وتركت له هو التصرف في كل ما تشتهي روحك ليعطيك أكثر مما تشتهي، وبما لايخطر لك على بال.

من يومها، وأنا أكفكف أطراف رداء أحلامي حتى كادت تبدو عارية، وأبدو بريئة من أحلام لاتوجب لي المكان الأسمى بين يدي مليك ذاك العرش.

قالت أمي: لو التزمتِ ستنالين الخيرين، بل ثلاثة، ( كل شيء يحتاج على الأقل ثلاثة أساسات ليقوم)، هدية الصبر، وهدية الثناء من أهله، وهداياه التي لن تنقطع عنك حين تعودين إليه.

صرتُ أخشى أن أحلم، غير أن ملكاً ملكتهُ، تناول مني أحلامي المخبوءة في طي الأمل، فردها على بساط الحياة، لم أجدها صعبة التحقيق، لا علي ولا عليه، ولا تستأهل الـتأجيل إلى وقتٍ لا أعرف عنه سوى غيبه، و لتكون. . من الأحق أن أحصل عليها هنا قبل العودة، لم أحلم بما لايتوافق و ما أوجِدْتُ عليه! ، ذاك الذي لم أوجده أنا فيني.

قلت للملك: ماذا أنا فاعلة الآن؟

سكتَ ولم يجبني، سألت: هل كانت أمي ترى أحلامي أصغر من أن تُقَدّم له فيجيب؟

قال: بل أكبر من أن ترحمها العقول.

ويد أمي تككم فاهي، ناديتُ وسعَ صوتي: أيها الساكن هناك، هاتِ هناكَ هنا، وأعطني بعضا منها، هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى