كيف يكفي هواهُ هذا الغناءُ؟

أجود مجبل-شاعر عراقي

 

كيف يكفي هواهُ هذا الغناءُ ؟
والجنوباتُ حزنُهُ المَشَّاءُ

مُدُنٌ ناسُها بقايا كؤوسٍ
شرِبَتْها بصمتٍ الصحراءُ

وقُرىً جَفَّفَ الطغاةُ ضُحاها
فمتى يَنطَلِي عليها الماءُ؟

مِنْ هُنا مَرَّ
مُعْجَماً للمواعيدِ
تلاقَتْ به السنينُ الظِّماءُ

وهنا حولَهُ الليالي
عشيقاتٌ يُلَوِّحْنَ
والنخيلُ نساءُ

هلْ سيكفيهِ
أنَّ شمساً أحَبَّتْهُ
لديها من ليلِهِ أضواءُ ؟

قَصَباً للرعاةِ كانَ
وأكداسَ بُروقٍ لمْ يكتشِفْها شتاءُ

إنَّهُ يُتْقِنُ البلادَ كثيراً
وبهِ مِنْ شُحوبِها أشياءُ

هو لِلآنَ تَعْتَريهِ الأبوذيّاتُ
زقّورَةً بدمع ٍتُضاءُ

لوْ يُغَنّي
تَصيرُ أوديةُ الوقتِ حقولاً
وتُولد الأفياءُ

(يُمَّه يا يُمَّه) أيُّ حُزنٍ ذَريعِ
ومَراثٍ ما قالَها الشعراءُ

مِنْ شبابيكِ صوتِهِ
نحْن جئنا شجراً
أينعَتْ بهِ الأخطاءُ

وهو لِلآنَ في السؤالاتِ مُلْقًى
وأغانيهِ ما لَها أبناءُ

فَكَمِ استفرَدَتْ بقامتِهِ الريحُ
وأَلْغَتْ بريدَهُ الأنواءُ

مِنْ هُنا مَرَّ
فيهِ غَيمٌ شَفيقٌ
وطيورٌ لمْ تَحْكِ عنها السماءُ

مِلءَ عينيهِ أنهُرٌ ونواعيرُ
وشمسٌ يقتاتُها الفقراءُ

فمضى عاشقاً
تُرافقُه الناياتُ
والأرضُ خَلْفَهُ إيماءُ

كَمْ أشارتْ لهُ محطةُ لَيلٍ
واحتفى باقترابِهِ مِيناءُ

الندامى المُبَشَّرونَ بهِ
لَمْ يجِدوا غيرَ ظِلِّهِ حين جاؤوا

وعلى الليلِ
خَفْقُ مِسْبَحَةٍ عَطشى
بِحَبّاتِها لَهُم أسماءُ

غَنِّ ، يا سيّدَ الترابِ الخُرافيَّ
وأَومِىءْ لكي يزولَ العَراءُ

فسَيَكْفيكَ دمعُ مِرْوحةٍ في القلبِ
لمْ يختلِفْ عليها الهواءُ

مِن نحيبِ الخُطى
سيطلُعُ زَهْرٌ أبديٌ
وتُخْلَعُ الظلْماءُ

وسيبقى
يُزاولُ النخلُ فحْواهُ عُذوقاً
ويستمِرُّ الغِناءُ

.

إلى المغني الأعظم في العراق الجنوبي
(داخل حسن)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى