عالم الثقافة تحاور الشاعرة السعودية تهاني الصُبيح

تهاني الصبيح: آمل أن تكون “الفسائل” مهادًا لنخيل سامق

حوار- صبرى الموجى:

لقبتها الصحافة السعودية بـ (خنساء الوطن) حيث وقفت تنشد أشعارها العذبة على صخرة سوق عكاظ بمدينة الطائف.. هي عضو بمركز الأحساء الأدبي، وكاتبة في صحيفة اليوم، والقافلة ومجلة الواحة..تعددت جوانبُ إبداعها، فأنشدت الشعر وكتبت القصة، وألمَّت بفنون العمل الصحفي..صنفت العديد من المؤلفات مثل رواية (وجوه بلا هوية)، و(غُرف المعلمات)، وديوان (كانت هنا)، وأخيرا ديوان (فسائل) الحاصل على المركز الثاني في جائزة الشاعر حسن القرشي في دورتها الرابعة لعام 2017م والتي حملت اسم الشاعر الراحل فاروق شوشة.. إنها الأديبة والشاعرة السعودية تهاني حسن الصُبيح، التي جرى معها هذا الحوار.

بداية حدثينا عن موهبتك، ومَنْ كان وراءها، وعوامل تنميتها؟

أعتقد أن الموهبة هي رئةُ الموهوب لا تنقطع عنه إلا بانقطاع الهواء عن أنفاسه وليس لها حدودٌ زمانيةٌ أو مكانية، ومحطاتُ الحياة التي أثْرَت موهبتي الشعرية كثيرةٌ يصعُب عليّ تعدادُها سوى أنها مزيجٌ متكامل بين مساندة أب، ووقفة صديقات ورعاية مُعلمة.

حصولك على العديد من الجوائز آخرها جائزة القرشي يعنى ولوج كثيرٍ من ميادين الإبداع.. فهل تتمتع المرأةُ الكاتبة بنفس الحرية التي يتمتع بها الرجل؟

المرأة الكاتبة هي روح إنسانية تشق فضاءها في أرجاء الكون دون حدود، والإبداع نافذة مفتوحة للتحليق أياً كان الطائر ذكراً أو أنثى، ورغم تشريفي بالعديد من الجوائز أراني لم أبدأ بعد، ولكنني أعددت مراسيم البدء، وحرثت أرضا خصبة قادرة على الحمل والولادة لتُنجب قيمة تخدم الناس والوطن.

اختلفت آراء المثقفات حول مُصطلح الأدب النسوي بين مُؤيدٍ ومُعارض فهل تقبل الصبيح هذا المصطلح؟

أوافق بشدة على مصطلح الأدب النسوي، وأعتقد أنه لا يمثل عائقا للإبداع، إذ لا يمكن للبيئة المحافِظة أن تُقيد الأديب الحقيقي داخل أسوار عادات وتقاليد أو موروث ديني يحدّ من حركته الأدبية طالماً أنه مؤمنٌ برسالته وأهدافه السامية، وهو ما ينطبق علىّ بالفعل، حيث لقبتني الصحافة السعودية بـ ( خنساء الوطن) عندما أنشدتُ شعري على صخرة سوق عكاظ بمدينة الطائف، والمعني: أنه لم يحُل احترامي للتقاليد بيني وبين الحصول علي الجوائز التي كان آخرها حصولي علي المركز الثاني بجائزة السفير القرشي عن ديوان (فسائل)، التي آمل أن تكون مهادا لنخيل سامق يُؤتى ثمره كلما نضج واستوي قولا لذيذا.

المشاركة في المحافل الثقافية المحلية والدولية من أهم سبل إثراء الإبداع.. كيف تغلبت الصبيح على تلك المشكلة؟

أعتقد أن إثراء الإبداع ليس صعباً فإذا لم أوفق لحضور المحافل الأدبية والثقافية فأنا بعون الله قادرة على أن أزاحم محافل الشعر وأزور مجالس الأدب، وأقتاتُ على فُتات تجاربهم المبهرة بالمتابعة والقراءة، ولوطني المملكة العربية السعودية دورٌ مُؤثر في حياتي من حيث كمّ الدعوات المتتالية التي تصلني للمشاركة في المناسبات الثقافية والمحافل الوطنية؛ مما أثرى تجربتي الشعرية، وأكسبني الكثير من الخبرات.

رغم قِدم تجربة المرأة الشاعرة بالسعودية إلا أنها تأخرت بالمقارنة بالأديبة القاصة والروائية؟

كتابةُ الشعر في نظري ليست سهلة علينا نحن النساء؛ لأن اختراع الفكرة وابتكار أسلوب جديد لعرضها على المُتلقي في قالب عروضي قد يستنزف الكثير من الوقت مقارنة بالرواية التي قد تتطلب رسما كليا للفكرة وأبعادها وصبها في قالب نثري تتخلله أحداث ربما تعتمد على خيال الكاتب ودوره التمثيلي في العمل من واقع حياته مما يُعبّد طريقاً مختصراً لاكتمال النص.

ألم يحُل كونك امرأة بينك وبين البوح التحرري والاحتجاجي اللذين يُثريان الإبداع؟ وهل (غُرف المعلمات) صورة من صور هذا البوح؟

لا يوجد بوحٌ تحرري لدي فليس لدي ما أُخفيه ثم أتحرر من قيوده أو أتمرد ضده، فلقد نشأت في أسرة كانت تشجعني على قراءة جميع موضوعات الشعر، وحفظتُ أغلب قصائد نزار قباني الغزلية وأنا في الرابعة عشرة من عمري، وكنت أتغنى بها دون قيد أو شرط أما (غُرف المعلمات) فهي قصصٌ قصيرة من حياة مُعلمات عايشتهن بحكم عملي كمعلمة وأحببت أن أفتح بعض النوافذ المطلة على عالم أنثوي ملوّن .. حالم .. مليء بالمتغيرات.

رواية (وجوه بلا هوية) مليئة بالحزن والمآسي فهل فيها إسقاط لما تعانيه المرأة في المجتمع الشرقي من قهر وتضييق حفاظا على سمعتها؟

وجوه بلا هوية أشبه بانتفاضة على مجتمع يقطنه أفرادٌ ذوو تفكير ضحل يُقدس الألقاب الخاطفة ويمتهن الضعفاء وفي هذا العمل إسقاط واضح لبعض ما تعانيه المرأة في المجتمع الشرقي والريفي بالذات من وجع وهي مأساة مُتكررة أطمع أن تكون لها حنجرة مُترجمة تصل بها للعالمية

تقييمك للأدب النسائي؟ وتصورك للارتقاء به؟

الأدب النسائي خصب وهو كالمرأة الودود الولود التي سنباهي بها الأمم في يوم ما، وأعتقد أن الارتقاء بالأدب النسائي سينضج عندما تذوب الحواجز بين الأدباء والأديبات وتكون اللغة المتبادلة هي لغة النقد البناء الذي يُقوّم أي اعوجاج قد تضيق أو تضعف به الفكرة دون مُجاملة أو تطبيل أجوف لا طائل منه .

هل للصبيح مشروع ثقافي؟

الحلم هو إنشاء دار مثالية للنشر، تنتقي الكتاب الهادف والفاعل في المجتمع وقضايا الأمة، وتُختار نصوصه برعاية، ويتم تشذيبها وإخراجها للمُتلقي في صورة مُبهرة تُثري المكتبات العربية التي تعانى زخما يختلط فيه الغث بالسمين، والصالح بالطالح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى