المخرج كمال الشيخ والإعلامية وفاء كمال وجها لوجه (1)

كمال الشيخ واحد من المخرجين المصريين القلائل الذين عملوا تحت وطأة هاجس ضرورة تطوير السينما العربية، خصوصاً بعد الانحطاط الذي بلغ ذروته لدى حل المؤسسة العامة للسينما عام (1972) وعودة السيطرة التامة على السينما إلى القطاع الخاص .مما أدى إلى اتجاه غالب؛ عبَّر عن نفسه بالهبوط الملحوظ في نوعية الأفلام وموضوعاتها. سيما مع محاولة المنتجين المحليين منافسة الأفلام الأجنبية المستوردة الناجحة تجارياً بتقليدها .


وقد لعب “كمال الشيخ ” دوراً مميزاً في دفع عجلة السينما المصرية إلى الأمام . بإخراج أفلام بعيدة عن الأسلوب التقليدي مع محافظته على السمة المحلية . مثل : ” قاهر الزمان ، الصعود إلى الهاوية ، الرجل الذي فقد ظله ،ميرامار ، الليلة الأخيرة ، على من نطلق الرصاص والهارب “.
كنت أتابع نشاطاته وأعماله السينمائية خصوصاً أنني أعرف أنه مثلي ترك كلية مهمة بسبب ولعه بالسينما .
كنتُ أريد أن أقنع نفسي بصحة وجهة نظره . ومعاناته لأنه لم يدخل الوسط السينمائي إلا بعد أخذ ورد ووساطات .بدأ كمونتير في أفلام مهمة مثل : “ليلى بنت الفقراء وقلبي دليلي وغزل البنات وظهور الإسلام …وغيرها ” .قام بعدها بإخراج أول أفلامه (المنزل رقم 13 بطولة “عماد حمدي، وفاتن حمامة” والذي حقق نجاحاً كبيراً لدى عرضه لاعتماده على حبكة تمتاز بالتشويق والإثارة والجو البوليسي.توالت بعدها أفلامه الناجحة .
رأيتُه في الصاله .كانت تتجمع حولة صفوة من الفنانين ثم ينفضُّون .ليعود لحركته ، يسير مسرعاً يحمل همة الشباب وحيويتهم.

صدمني في كتفي فوقع المسجل من يدي. شعر بالارتباك والإحراج حاول التقاطه عن الأرض لكني سبقته وأمسكت بالمسجل.

بدأ يقدم الاعتذار تلو الآخر وأنا أبتسم قلت: لاتعتذر أستاذ كمال. لقد عرف الخير أهله فتقدم .أنا كنت ُ أبحث عنك والمسجل من أجل أخذ حديث منك. فلو تعطل عليك أن تكون واسع الصدر لأخذ الحوار مكتوباً لامسجلاً .

ضحك فقلت: أنتَ وحظك . فانتظرني حتى أجرب المسجل.

فتحت المسجل وقلت سيداتي وسادتي لقد قبضنا الآن على شيخ الشباب بعد معاناة يومين . ولم يعد بإمكانه أن يفرَّ من قبضتنا.

ضحك بصوت مرتفع وأنا أعيد سماع التسجيل الذي كان واضحاً.

قال: والله إنت تصلحين أن تكوني وجهاً سينمائياً.

ودار بيننا حديث طويل وأسئلة كثيرة سأوجزها لأنها لم تعد مهمة بعد هذا العمر بل باتت عادية .حدثني عن سبب تباطئه بالأعمال رغم سجلِّه الحافل بالنجاح.

قال: أنا أتريث في اختيار أفلامي فاختياري للموضوع يتم بصعوبة ،حيث تُعرض عليَّ أفلام غير مقنعة من قبل المنتجين. أو أفلام حبيسة أفكارها الجاهزة والتقليدية، جامدة، غير قابلة للتطور والتفاعل مع الواقع .

أنا أميل للتغيير لأن التغيير في كل الفنون يعتبر عنصراً مهماً وحيوياً ،والسعي وراء التجديد هو محرك أساسي لتطور البشرية .
دون التغيير تصبح السينما مهددة بالموت .فالركود والمألوف يجعل الجمهور يمل ويُعْزِف عن السينما.

توقف قليلاً وقال: أنتِ أخذتيني على حين غرة . من أنتِ ؟ ومن أين ؟ ولصالح أي مجلة تعملين ؟ .

ضحكتُ وقلت: أنت الآن لايحق لك أن تسألني لأنني حالياً أقوم بتجريب المسجل .
قال: ” كل دا تجريب “

قلت: لا مازلنا في البداية.

قال أنت سورية؟ لا لبنانية لكن لهجتي سورية .هنا انتقلت معه للحديث عن اللهجة المصرية .وسألته:

ـ س اللهجة العامية المصرية تعد هي الأكثر انتشاراً والأسهل استيعاباً في الوطن العربي بأكمله.. ترى لماذا ؟ وما العوامل التي ميزتها ؟
_ ج : الفن له دوركبير في انتشار اللهجة المصرية .وهذا دليل على قوة الفن في هذا البلد .فمصر هي ” هوليود الشرق” وهي الدولة العربية الأغزر إنتاجاً في مجال السينما تليها سوريا ولبنان .وهي أول الدول العربية في صناعة السينما .كما أنه للسياحة دورها الكبير في التقاط تلك اللهجة .وعدم تأثرها باللفظات الأجنبية .كاللبنانيين الذين يُطَعِّمون كلامهم بلفظات فرنسية. وكذلك دول شمال إفريقيا الذين تأثرت لهجتهم بلغات الدول التي استعمرتهم .وهناك سبب مهم هو إرسال الدولة الكثير من البعثات إلى البلدان العربية في زمن الزعيم ” جمال عبد الناصر” لإعادة إعمار مصر .

_ س: لكن اللهجة الصعيدية والبدوية ظلت صعبة الفهم
_ ج : الاختلاف بين اللهجات طفيف ،وفهمها يعتمد على أسلوب الحديث وسرعة نطق الكلام، أو تعطيش حرف الجيم..، أما الألفاظ نفسها فهي متقاربة بدرجة كبيرة .
يتبع ..
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى