ماذا يمكن أن نعطي لليل القادم؟!

م. وسام عبد الحق العاني | العراق

يضعُ الليلُ يدَهُ على خاصرتِهِ

ويتّكأُ بالأُخرى على جلدِ خيمتِنا

التي تحتلُّ بقعةً شاسعةً من عراءِ البلاد

يقفُ مثل عجوزٍ تبلّلُهُ الوحدةُ في دارِ المسنين

تفتحُ أُمّي قلبَها

وتُناولُه شيئاً من دعواتِها القديمة

أبي لا يملك سوى أنينِ مفاصلِهِ

ولحيتِهِ التي تقطرُ تعباً

بعد أن تبرعَ بركعتينِ في جوفِ الظلام

لليلِ الذي مَرَّ بالأمس

أختي الصغيرةُ…

تحضنُ دميةً بلا ضفائر

نجتْ سهواً من قصفِ الطائراتِ الذكية

تحلمُ بمشطٍ بلاستيكي … وطوقٍ أحمر

أخي الصغيرُ…

يحضنُ ما تبقى من ألوانِهِ الخشبية

ويرصُّها على مخدتِهِ

مثل أقزامٍ ملونة

يحلمُ بجدارٍ

يُعلّقُ عليه رسمةً لوالدينِ يضحكان

يُمسكُ بيديهما ولدٌ بملابسَ جديدة

وفي الخلفيةِ ساحةٌ بيضاءُ شاسعة

تنتصبُ فيها مئذنةٌ مثلومة

يرنُّ بها جرسُ المدرسة

وأنا…

أقصُّ وألصقُ بالحروفِ

على هذا الصمتِ الأبيض

وحين أتعبُ من الركضِ

أجلسُ عند بابِ الخيمةِ

أُحصي صبّاراتِ الوقتِ

النابتةِ بينها وبين أصابعِ البلاد

أنفثُ في مساماتِ العراءِ دخانَ الحسرة

أتساءلُ…

ماذا يمكن أن نُعطي

لليلِ القادم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى