الوفــاءُ للشهيــد

عبد الحميد الورفلي | ليبيااللوحة: للتشكيلية الأردنية هاجر الطيار

يابـؤسَ حرفٍ أحرقتهُ على شفتي دموعي

يوقظهُ نورٌ من سراجٍ واهنٍ ليدُبَّ وخزاً في ضُلوعي

في حُلكةِ الليلِ البهيمِ تبدو فوانيسي جميعاً في خُشوعِ

وتجوبُ ذاكرتي لتذكُرِ كيفَ وُئيدَ الزَّهرُ بأحلامِ الربيعِ

ضاعَ أمانُ النّفسِ والليالي العاتيـاتُ قُلنَ للأحلامِ ضيعي

///

تلكَ العُيــونُ بأيِّ كفٍ سوفَ أُجليـــــهِ قذاهـــــــا ؟

يُمنايَ قد قفــزَ اليراعُ بها وظــلَّ يرسُمُها خُطاها

يُسرايَ رهنَ لُفافةُ التبـغِ وقد أحاطتها إصبعاهــا

روحي تقيــدُ من جمــرٍ وأوارُهـــا يُذكي لظاهــا

والشِّعرُ محمومُ القوافي يهجو الصّنيعةَ وماتلاها

///

يومٌ هوَ التاريخُ يزفرُ باللّظى, وقد تضرّجَ بالنزيفِ وبالدماءِ

الثائـرونَ على الفضيلةِ, السّاكنـونَ في بَـلاطِ الأدنياءِ

الزّاحفــونَ معَ الفصيلةِ, والضّاربُ الطّاغوتُ في عَرضِ الفضاءِ

السّاحقـونَ غدِ الطفولةِ, السّالبونَ مباسمَ الزّهــرِ مع الأنداءِ

النّافثونَ أحقاداً جهولة, الرّاقصونَ للمذلةِ والشّقاءِ

قد روَّعوا روحَ الكهولةِ, سلبوا العفــافَ وقطّعوا الأثـداء

///

أينَ الرّبيعُ ؟ أينَ الورودُ العاطراتُ النّاظراتُ منَ الخدود ؟

أينَ قُطوفُ الزهرِ ؟ أم أنَّ كُفوفَ العُهرِ قد تدلّتْ إذْ تُلوِّحُ بالوعود ؟

أينَ الرّواقصُ ؟ إذْ أجدنَ بحُسنهنَّ وهُنَّ يبرزنَ النُّهود !

أينَ البواكي ؟ والعنــاقُ أنبأنا بخــزيٍ قد تخمَّـــرَ في الـــوريد

أينَ السّــرايا ؟ والمرايا العاكساتُ للتاريخِ والماضي المجيــد

أينَ هطولُ الخيرِ وميزُ الخيلِ ؟ والرِّفعةُ التي كانت في يومٍ فريد

الآنَ نُعلنُهُ الوفاءَ, ونُرثيهِ جَهاراً , ونحنُ نبكيهِ الشهيـد

///

أينَ اللواتي كُنَّ ينشُدنَ الذّهابَ, ولم يُرتّبنَ الإيـاب ؟

الظّامئاتُ لهيبُ شفةٍ قد تـوارتْ من عقاب

الحالماتُ بيومِ نصرٍ فصرنَ مغنمــةَ الذئاب

السّاجداتُ مواطئَ الفُحشِ وهُنَّ يُنقذنَ الشباب

اللائماتُ الحاقداتُ , إذ قُلنَ ذاكَ اليومَ مكتملُ النِّصاب

///

أينَ الرُّجولةُ والفحولةُ واللِّحى , ومن تداعا ؟

قد بُحَّ صوتٌ إذ يُنادي وهوَ يأملُ أن يُطاعــــا

طمعٌ تراءى للعُيـونِ, والحِقـدُ ينتزعُ النّواميسَ انتزاعا

قد سرَّهُ الشّيطانُ جهلٌ راسِخٌ, فازدادَ ارتفاعا

///

واحسرتا ! إذْ ترمَّلتِ البنادِقُ داتَ فجرٍ حين لاحا

قد كانَ ينشدُ لحدُهُ فسارَ مفـرود الجنـاحا

يُهـدي ابتسـاماتٍ أخيرة وهوَ يُمسكُها الجـراحا

حتى إذا زفـــرَ القضاءُ فكانَ يوماً مُستبـاحا

فانفضَّ رتلُ العازِفينَ وضجّتِ الأرضُ نُواحا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى