بدون مؤاخذة.. ابحثوا عن سارق البيضة

جميل السلحوت | القدس العربية المحتلة

ومما جاء في تراث البادية: أن امرأة أرملة ولها طفل في احدى القبائل البدوية لم تكن تملك إلا دجاجة، تطعم بيضتها اليومية لطفلها، وذات يوم جاء من سرق البيضة فذهبت الى شيخ القبيلة تشكو له ما حدث، فقال لفرسانه: ابحثوا عن سارق البيضة، ولم يهتموا بذلك، وبعدها سرق اللص دجاجة الأرملة فكررت شكواها لشيخ القبيلة، فطلب من فرسانه أن يبحثوا عن سارق البيضة، وبعدها سرق اللص ماعزا، فشكا صاحبها ذلك لشيخ القبيلة، فطلب الشيخ من فرسانه أن يبحثوا عن سارق البيضة، وكانوا يتضاحكون من طلب شيخهم، وتوالت السرقات وهم لا يكترثون، إلى أن جاء يوم وجدوا فيه أحد أبناء القبيلة قتيلا، فقال الشيخ: ابحثوا عن سارق البيضة، وشرح لهم: لو أنكم أمسكتم بسارق البيضة ولقي عقابه لما وصلنا الى جريمة مقتل أحد رجالنا، وأنا أستذكر هذه الحكاية أتساءل عن أسباب كل هذا العنف الدموي وهذه الحروب التدميرية التي تسود منطقة الشرق الأوسط، فهل تساءل عقلاء العالم وأصحاب الرأي والفصل فيه عن أسباب ذلك؟ فلا تكاد دولة في الشرق الأوسط بمنأى عن هذا العنف الدموي، بل إن أثاره تمتد إلى دول خارج الإقليم.

وإذا ما نظرنا إلى هذه التراجيديا بعين عاقلة فإن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في حرب حزيران 1967 واستمرار هذا الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، والتعامل مع إسرائيل كدولة استثنائية فوق القانون الدولي، وفوق قرارات الشرعية الدولية لما سالت كل هذه الدماء، وما اندلعت كل هذه الحروب، ولما جرى كل هذا الدمار، ولما تهدد السلم العالمي.

وقبل حرب حزيران 1967 لو طبقت قرارات الشرعية الدولية بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي لما اندلعت تلك الحرب.

ودعونا نتساءل: هل لو تم إنهاء هذا الاحتلال منذ بداياته هل كانت ستندلع حرب اكتوبر 1973؟ وهل كانت اسرائيل ستغزو لبنان عام 1982 وتحتل جنوبه وما تبع ذلك من ظهور منظمات المقاومة اللبنانية وفي مقدمتها حزب الله؟ ولولا حرص أمريكا على إسرائيل هل كانت ستغزو العراق وتدمره وتقتل شعبه وتحتله؟ وهل كانت حادثة 11سبتمبر الارهابية في نيويورك ستحدث؟ ولولا هذا الاحتلال هل كانت ستنشأ منظمات التطرف الإسلامي كداعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها؟ وهل كان هناك مبرر لغزو ليبيا واشعال نار الفتنة فيها؟ وهل كان هناك مبرر للحرب الأهلية في سوريا والعراق وغيرها؟  وهل كان هناك مبرر للفوضى “الخلاقة” التدميرية التي تعم غالبية دول المنطقة؟ وغيرها من الأسئلة المؤلمة؟

إن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، ومساندة أمريكا وغيرها لهذا الاحتلال هما المسؤولان عن كل هذه المآسي. والسكوت على الاحتلال هو شبيه بالسكوت عن سارق البيضة في القبيلة البدوية، مع الفارق الكبير طبعا والمقارنة بين سرقة بيضة وسرقة وطن.

فهل يتنادى عقلاء العالم لإنهاء هذا الاحتلال حتى تعيش دول العالم وشعوبها بسلام؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى