العودة

وسام عبد الحق العاني | شاعر ومهندس عراقي مقيم بسلطنة عُمان

سَبعونَ خريفاً

وهْوَ يقاومُ في رأسي أفعى النسيانْ

كَنَبيٍ أعزلَ

يبكي جرحَ الأرضِ على كَتِفَيْ

ينزفُ حُلماً فوق قميصي

وحقولُ قصائدِهِ تنمو

كالزيتونِ على خاصرتي

وكزهرِ اللوزِ على شَفَتَيْ

ظلّ يَجوبُ مَنافي الأرضِ كطائرةٍ منْ ورقٍ شاحبْ

خيطُ الفولاذِ يُجرِّحُها

ثمّةَ ريحٌ

ظلّتْ تنثرُهُ كالطلعِ بأرضِ المعنى

وغيابٌ

يشعلُ في عينيهِ دروباً لا تُفضي

وحرائقَ دونَ دُخانْ

وأنا ..

حين تنامُ الحربُ قليلاً

أتسلّلُ من بين الموتى

أنصبُ فوق الساترِ مِنبرْ

كلَّ مساءٍ لِيَجيءَ ويُلقِيَ خُطبتَهُ

من خطِّ النارِ كَآخرِ هنديٍ أحمرْ

وبذاتِ الوقتْ

أحملُ جسدَ النهرِ على نقّالةِ جرحى

أغسلُ رجزَ الحربِ منَ الطرقاتْ

كالمجنونِ أهرولُ ما بين الألغامِ

لأسحبَ جثةَ وطني الأسمرْ

وأُضمِّدُ جرحَ الفقدِ النازفِ في عينيهِ

بملحِ الأرضِ وبالصلواتْ

لا وقتَ لديّ

كالمعولِ يحفِرُني ميلُ الساعاتْ

ما بين قبورٍ وخنادقْ

أدفنُ من ماتَ ببدلتِهِ

وأرُشُّ القمحَ على عينيهْ

كي يُشغِلَ وقتَ الموتِ بحلمِ الأرضْ

لا وقتَ لدَيْ

ضاعَ الوطنُ الأسمرُ مني

بلْ ضعتُ أنا من بينِ يَدَيْ

أَلِجُ المنفى

طائرةً من ورقٍ شاحبْ

خيطُ الفولاذِ يُجرِّحُها

وهناكَ بأقصى التيهِ معاً

تنحَتُنا الريحُ على الأبوابْ

مثلَ كُفوفٍ أتعبَها

لمُّ الأوطانِ المكسورةِ في الأثوابْ

نشحذُ شبراً

ندفنُ فيهِ هزائمَ عُمرٍ لم يتحققْ

أسماءَ ضَحايانا الأُولى

 في حُلْمِ العودةِ نرسمُهمْ

بِوجوهٍ لازالتْ تَعرقْ

نرسمُ مفتاحاً وطريقاً

باباً يبكي

نرسمُ حقلاً

نرسمُ طفلاً

فوقَ قميصِ الحربِ ونمضي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى