” حكايا من القرايا “.. من وحي خراطة الزيتون

عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين

ما شاء حج أبو نادر مولّع ثلث مواقد… موقدة لقلاية بندورة، وثانية للجبنة، وثالثة عليها إبريق الشاي… ما شاء الله لما قعدوا تحت الشجرة يفطروا، يا عمي اولاد أبو نادر عشرة بين ذكر وأنثى، ومعهم أطفال، ومعهم ثلث عمال جايين مجاملة… بالله ثلث ربطات خبز بكفي هذه الجموع…؟ لكن أكل الرجال ع قد افعالها، كل يوم ما شاء الله بخرطوا أكثر من عشرين شوال… ناس بجدّوا، وناس بخرطوا، وناس بفرشوا مفارش، ونساء تنقي الحب من الزعف… ورشة… ورشة والله يا بو نادر، ما بتشبه شغلها إلا بشغل يوم عرس نادر، والطبّاخات تطبخ، ومولّعات النار تولّع، والزعّاقات تزغرد… والدبيكة ما شاء الله، رجل في الأرض والثانية في الهوا…
على كلِّ، موقدة إبريق الشاي بتظل عمرانة… بعد الشاي ببلش حالو أبو نادر بغلي القهوة… اليوم نبّهوا عليه عمرك ما تجيب كاسات بلاستيك وتصب فيها قهوة… أو شاي… إياك… إياك… قلهم: أمركم… استرونا هاليوم وبكرا بيسر الله…
وموقدة قلاية البندورة بتظل مولّعة، عشان أم نادر بعد ساعة زمان، بنتقل شغلها من فرد المفارش، وتنقية الحب من الزعف، إلى تجهيز الغداء… ما شاء الله أم نادر مستعدة، جايبه معها أربع جاجات مقطعات، ورز، وزهرة وباذنجان، أم نادر بدها تطبخ اليوم مقلوبة… ومطبخ أم نادر البري سيجهز سلطة البندورة والخيار كمان، مع إنها محتاطة وجايبة ثلث علب لبن معها… يعني أكل المقلوبة بوفّر الخبز… شويّ.
الله يعين العباد، والله شغل الزيتون متعب جدا… وما بطلع النهار إلا الشمس قد الدنيا فوق روس العباد… وبكونوا معفّرين ومغبّرين من الغبرة إللي ع الشجر… يا رب رحمتك ومطرة تنزل تغسل هالزيتون… وهالأيام أكبر نعمة، الحبة اللي بلقطوها بتيجي ع المفرش وبلموها، زمان بقوا ينزلوا الحب من الشجر على الأرض… وبعدين يلمّوه، من بين الحجار والشوك… كانوا يلقطوا الحبة مرتين… الله يثري ثريته إلا اكتشف المفارش، وفعّل وظيفتها في خراطة الزيتون… وإذا يا خوي تعرقلوا بشجرة حبها صرّي صغير… هات عاد… ما إلهم ألا يتونسوا بالقول “الصرّي بشيّب، أو بغلّب… لاتشن زيتو طيب”… وهات اقنع صاحب العصارة أم حجرين يعصر حباتك إذا اكتشف فيهن صري… لأن الصري بهرب من تحت الحجرين… وبردوا يلموه ويدرسوه كمان مرة…
وكلهم يسألون: متى الجيروعة؟ عسى أن تكون قريبة؟ متى المسخن؟ ويختلفون في النقاش حول المسخن، هذا يفضل خبز المسخن غرقان بالزيت، وذا يحبه والزيت قد مرّ عليه مرور الكرام… وهناك اجتهادات في كميات البصل على الأرغفة أيضاً… الله يعين الناس… الله يعطيكم العافية يا عشاق الأرض… الله يطرح البركة في زيتونكم… وزيتكم… ومسخنكم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى