رواية “الشمس تولد من الجبل” وأدب السيرة

جميل السلحوت | القدس

صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل” للكاتبين موسى الشيخ ومحمد البيروتي عام 2012  الرواية عن مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، وتقع في 304 صفحات من الحجم المتوسط.

لعل ستة الأسطر التي كتبها محمد البيروتي في مدخل الكتاب تغني عن قول الكثير فيما يتعلق بهذه الرواية، والتي كثف فيها أزمة التأريخ لمسيرة الشعب الفلسطيني المعاصرة، ولفت فيها الانتباه الى أن ما كتب حتى الآن “سيرة انحصرت في الذات” ويضيف البيروتي:”هذه محاولة لإضفاء مزيد من الضوء عبر النبش في ذاكرة عريف في جيش التحرير عايش قطاعا محددا من أحداث اتسمت بالبطولة والتضحية”.ص4. وهذا أيضا يدعو إلى التساؤل حول من كتب هذه الرواية؟ هل هو موسى الشيخ وحده، أم أن محمد البيروتي اشترك معه في كتابتها؟ وإذا ما اشترك الاثنان في كتابتها فلماذا اعتبرها البيروتي”ذاكرة عريف في جيش التحرير”؟ أم أنّ موسى الشيخ قد نبش ذاكرته، واستعاد أحداثا وقعت معه وشاركه البيروتي في صياغتها، لتخرج إلى القارئ بين دفّتي هذا الكتاب، وهذا ما أميل إليه بعد قراءة “الرّواية” التي هي عبارة عن جوانب من السيرة الذاتية لكاتبها؟ لكنّها في الأحوال كلّها صدرت باسميهما ونحن نحترم ذلك، وإن كان من حق القارئ أن يتساءل كيفما يشاء، وهذا لا ينتقص من قيمة هذا العمل، بل إن التساؤلات تكون في صالحه.

المضمون: الرواية عبارة عن جوانب من السّيرة الذاتية لمناضل فلسطيني، ركّز فيها على طفولته منذ ولادته في قرية عقربا قضاء نابلس، وعمله في الزراعة والكسّارات في طفولته، ثم هجرته إلى الكويت ليعمل هناك، والتحاقه بحركة القوميين العرب، ثم التحاقه بجيش التحرير الفلسطيني، وتدريبه في معسكرات الجيش العراقي، ثم التحاقه بالثورة الفلسطينية كمقاتل في صفوف الجبهة الشعبية التي تشكلت بعد حرب حزران 1967 كذراع عسكري لحركة القوميين العرب، ثم انتقاله الى صفوف حركة فتح بعد معركة الكرامة في 21 آذار-مارس- 1968. ليكتب لنا عن مشاهداته وذكرياته عن مشاركاته ومشاركة غيره في أعمال مقاومة الاحتلال، إلى أن وقع أسيرا بعد معركة ضارية، لينتقل النضال من ساحات القتال إلى خلف القضبان في سجون الاحتلال، حتى تحريره في صفقة تبادل الأسرى عام 1985.

أهمية هذا العمل: تنبع أهمية هذا العمل أنّه يسجل لبداية انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، من خلال شخص شارك فيها، وهو هنا يكتب مشاهداته وذكرياته التي عاشها وعايشها، تماما مثلما سجّل وإن بشكل سريع عن حياة الريّف الفلسطيني، من خلال ما كتبه عن طفولته في قريته عقربا قضاء نابلس، وهي قضية مهمة أيضا، خصوصا وأن الدراسات عن الحياة الاجتماعية في فلسطين تكاد تكون معدومة. والرواية هنا لم تكتب تاريخ الثورة الفلسطينية، بل كتبت شيئا من هذا التاريخ عايشه الكاتب أو كاتبا هذا العمل. كما أنّها تسجّل أيضا عن معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال بمرحلة بدايات الاحتلال.

وهناك جوانب لافتة في هذا التأريخ لا يعرفه كثيرون ممّن لم يعايشوا تلك المرحلة، أو حتى عايشوها لكنهم لم يشاركوا في أحداثها، ومنها على سبيل المثال أن حركة فتح هي الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي خاض معركة الكرامة وبقرار من قيادتها، وتحديدا بقرار من رأس حركة فتح الراحل ياسر عرفات. في حين أن هناك أفرادا من تنظيمات أخرى شاركوا في المعركة طواعية منهم وفي مخالفة واضحة لأوامر قياداتهم، كما تتحدّث عن المشاركة البطولية للجيش الأردنيّ في تلك المعركة. ومثال آخر هو مشاركة الأمير الكويتي فهد الأحمد الجابر الصباح في الثورة الفلسطينية، وقتاله في صفوفها، إلى أن عاد إلى بلاده بعد معارك أيلول 1970 بين الجيش الأردني وعناصر المقاومة الفلسطكينية، والتي أسفرت عن خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن وانتقالها إلى لبنان. ومن الجدير ذكره أن الأمير فهد الصباح  لقي مصرعه في العام 1990 وهو يقاوم الجيش العراقي الذي احتل الكويت في حينه.

ولم ينس الكاتبان الحديث عن مناضلين فلسطينيين وعرب شاركوا في المقاومة، ومنهم من سقطوا شهداء، أو وقعوا في الأسر.

الأسلوب: بداية يجدر التنويه إلى أن هذا العمل هو أقرب إلى السيرة الذاتية أو المذكرات منه إلى الرواية، والقارئ لهذا العمل سيجد أن الكاتبين اتخذا أكثر من أسلوب في كتابته، فهناك القصّ والرّويّ والحكي والتقرير الاخباري، وهذه أساليب قد لا تخلو منها أيّ رواية.

وعنصر التشويق واضح في هذا العمل؟

وماذا بعد: يشكل هذا العمل إضافة نوعية للمكتبة الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى