حين يرقص الرؤساء رقصة “الستربتيز”

شوقية عروق منصور | فلسطين

جميع الزعماء والقادة يرقصون على منصات التاريخ، لكن الرقصات وطريقة الرقص تختلف بين زعيم وقائد وملك و رئيس ، تختلف بين دولة وامارة ومملكة وجمهورية ، لكن تبقى في النهاية درجة حرارة الايقاع الدموي الذي رقص عليه الزعيم او القائد ، ومدى رفع الاقدام وخبطها على المنصة ، والتي غالباً ما تكون مصنوعة من جماجم الشعب .
يختلف الرقص والراقصون، الثياب والازياء الفكرية والعقائدية والسلطوية، لكن هناك من الزعماء من يصر على ان يرقص عارياً بكل قبحه وبشاعته ، او في لحظة ما يبدأ في خلع ثيابه ، يتجرد من كل شيء ، عندها يكون العري لحظة الصدق الوحيدة التي يمارسها القائد المخادع طوال الوقت .
كان الرئيس الليبي “معمر القذافي” راقصاً يثير العجب والاستهزاء ، يثير الغبار والزوابع في تحركاته واقواله وتصرفاته وثيابه وسلوكه الغريب الذي لا يمت بصلة الى أي نوع من الاتيكيت السياسي والذوق الشعبي الجماهيري ، كنا نراه يصعد الى افق التحرر النسوي حين يختار النساء اللواتي يحرسنه بصلابة وقسوة ويقظة اكثر من الرجال ، وينزل الى قاع السخرية حين يدعو النساء الايطاليات الجميلات فقط الى دخول الدين الاسلامي ويتحول الى داعية مبشراً بالجنة للأجنبيات او ينصب خيمة في ظل قصر اوروبي يرى بها عزة وفخراً في الوقت الذي يذبح الصورة العربية على مذبح السخرية والضعف والاستهزاء عدا عن سياسته التي تقوم على مبدأ خالف تعرف.
و بين سياسة فرز النساء التي اشتهر بها ،التي هي احتكار “قذافي” وبين سلوكياته الغريبة العجيبة المضحكة على خارطة الوطن العربي والسير عكس تيار الواقع والتمسك بنظريات وعبارات انشائية لم تقدم للمواطن العربي سوى الهروب والتمسك بالضياع البائس اليائس من قادة رحلوا الى ملذاتهم والتقوقع في مصالحهم.
الشعوب العربية وضعت القذافي ومبارك وزين العابدين وغيرهم على قوائم الرؤساء الذين خدعوا التاريخ واستغلوه لفترة من الزمن، حتى انتبه التاريخ والقى بهم عن ظهره ، و لقد ارتطموا بالأرض وتحطموا شر تحطيم ، ولكن ما زال في المخازن وتحت الطاولات وبين ركام الأثاث السياسي القديم وجوها ترقص وتحرك أصابع الأحداث .
والآن جميع الرؤساء والزعماء والقادة العرب يرقصون (رقصة الستربتيز) يخلعون ثيابهم ، يقفون عراة بين الدم والدم بين الجثة والجثة بين القصف والقصف، يحاول لملمة تعابيرهم الغامضة الراكضة اللاهثة وعباراتهم السياسية المشوهة، يقفون امام وسائل الاعلام والناس والفضائيات، بكامل فشلهم ينتظرون في الطوابير ماذا سيقول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن؟ وكيف سيتصرف ؟ وكيف ستكون نظراته وحنانه واحتضانه، هل سينالون الرضى؟ أم سيكون مثل ” ترامب” الذي تعامل معهم كأنهم يعملون في أراضه واملاكه .
كان “طائر الصد” يعرف بالجاهلية ، حيث يعتقدون ان هذا الطائر يخرج من جسد الميت الذي يقتل غدراً ، يقف الطير على قبر القتيل ليدل الناس عليه ، يبقى واقفاً حتى يثأروا للقتيل ثم يختفي . نريد أن يخرج من اجساد الشعوب العربية الآن طيور الصد ، ينادون بالثأر من الأنظمة السياسية التي أوصلتهم إلى الجوع والهرب والدمار وكره الأوطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى