هيموفيليا الأدب

محمد علي محمد | العراق

الهيموفيليا, نوع من الأمراض النادرة للدم تسبب عدم تجلط مكوناته عند النزيف, الأدب, أحد أشكال التعبير الإنساني عن مجمل عواطف الإنسان و أفكاره بأساليب راقيّة.

هيموفيليا الأدب, الحقيقة التي سيطرت على معظم المنشورات الأدبية التي بدأت تنزف بغزارة النتاجات بلا رقابة أو شعور بالمسؤولية تجاه تلك الحروف النقيّة التي تبعثرت على صفحات خاويّة المشاعر و الاسلوب و دقّة اللغة التي بدأت تتبخر بعيداً عن جمالها.

الكتابة, ذلك المعتقل الحر الذي لا يطأه سوى الأشخاص الباحثين عن زنزانة فريدة من نوعها التي تتفرد بطرقها الغامضة لإنتزاع المشاعر المتضاربة و إدخالها في القبور الحيّة (الكتب), أصبحت اليوم رمزاً لجذب الإنتباه و السيطرة على الجمهور بكلمات منمّقة خارجة عن إطار الأدب, الصندوق الذي جمع أغلب مؤلَفات هذه الفترة أصبح متسخاً يحتاج إلى تطهير واعٍ, يحتاج إلى آليّة جديدة للسيطرة على النتاجات التي أصبحت بحيرة دم ضحلة لا يؤتمن على توقفها في القريب العاجل.

بعيداً عن تلك الهيموفيليا التي إجتاحت عصر الثورة التي كان من المفترض أن تُطال الأدب الروائي أيضاً, نجد بعض المؤلفين البارزين الذين إستطاعوا الخروج من ذلك الصندوق و السيطرة على لجام الحروف بأحقيّة, جمال قيسي روائي و ناقد عراقي, أبٌ روحي للعديد من الباحثين عن المعرفة من شباب الأدب الذي نجد في مؤلفاته إطلاق العنان للنزعة البشريّة التي غابت عن إنسانيّة الرواية العراقية منذ فترة طويلة, ماسّة الرمادي روائية و مرأويّة, أُمٌ للباحثين عن العدالة الإنسانيّة سيطرت بحريّة أفكارها على آلية المطالبة بحقوق المرأة داخل المجتمع العربي بطريقة مهذّبة و توعويّة, ثمّة آخرون لكنّ المعجزة الحقيقية للأدب العراقي حصلت في مؤلفات القيسي والرمادي, لربّما سنجد من يحذو حذوّهم بطريقة صحيحة محاولة منه للعودة بالأدب المقاوِم العراقي إلى مكانته التي يستحقها, تلك التي ورثها من مؤلفيه السابقين.

كلّ الشكر لشعبة الطوارئ هؤلاء الذين إستطاعوا وضع ضمادة مؤقتة على ذراع الأدب قبل أن يُصاب بالغنغرينا فنضطر لمعالجته بالبتر و حينها لن يكون للشعب العراقي في العصر الحديث أيّ أدب يتفاخر به أحفاده.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. (الهيموفيليا, نوع من الأمراض النادرة للدم تسبب عدم تجلط مكوناته عند النزيف)
    ولكن التدخين (كما يفعل “الكاتب” في الصورة) يسبب التجلط في الرئتين والقلب والدماغ
    يا له من تناقض : طبيبٌ يداوي الناسَ وهو عليلُ !!!!!!!؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى