صديقي صاحب المظهر.. قصة قصيرة

رزق البرمبالي | قاص من مصر

 

كان يؤمن بأن المظهر أهم من الجوهر، ويقول: أنت أمام الناس تُوزن بأناقتك ومظهرك الجيد، حتى وإن كان داخلك يبدو غير ذلك، أما أنا فكنت على العكس منه تماماً، أؤمن بأن لب الشيء أفضله، وأن الإنسان لا يقاس كلوحة فنية داخل إطار معلق على الحائط، وإنما بما يقدم من إخلاص وجهد وأمانة في عمله.

تقدمنا نحن الإثنين إلى وظيفة في شركة بدولة عربية، تسَلحَ هو بمظهره الأنيق، ببزته الإيطالية وقمصيه الباريسي، والبايب الألماني، وبما لديه من كاريزما، وبعدد كبير من شهادات الشكر والتقدير والخبرة الملونة بألوان الطيف، ولا أدري كيف ومن أين حصل عليها؟! فخبرته مظهرية فقط، وأما خبرته العملية فجوفاء!

وتقدمت أنا بشهاداتي العلمية والعملية، وكنت على يقين من قبولي في تلك الوظيفة، ليس غرورا مني، ولكن لتأكدي أنه لن يستطيع الإجابة على سؤال فني من أسئلة اختبارات المقابلة الشخصية التي ستجري لنا، وكانت المفاجأة أن وقع الاختبار عليه، وتم إلغاء المقابلة معي!

صعد نجمة في تلك الشركة لبضع سنوات،

ولم أتعجب من تلك الأخبار التي تردني من أصدقاء يعملون هناك!

الذي حدث بعد ذلك ذهب مدير عام شركته وأتى أخر، كانت الأيام قد أخذت منه كل مأخذ، فصقتله وعلمته الإدارة الحقيقة، فلم يؤمن بتقاريره الملونة والمزخرفة، وطلب منه مرافقته في جولة على مشاريع الشركة، فوجد عددا لا حصر له من المشاكل لم يشملها تقريره، بل لم يكن على دراية بها من الأساس،

في اليوم التالي كان على مكتبة نسخة من قرار إنهاء عقده،

ووجدت أنا رسالة على الواتس من مدير عام تلك الشركة، يرجوني فيها بمساعدته في إصلاح الدمار الذي حل على تلك الإدارة الهامة في الشركة بسبب صديقي محب الجوهر، وقد كان بيننا سابق معرفه من قبل، حيث عملنا معا في إحدى الشركات، لم يمض شهر إلا ورأيت صديقي في أحد البرامج التلفزيونية وقد عاد إلى وطننا، يصفه مقدم البرنامج بالخبير العالمي والمستشار.. الخ، من عدة ألقاب رنانة، وعلمت من البرنامج أنه تم تعيينه بوظيفة مرموقة جدا في أحد الهيئات الحكومية، وهناك أقاويل أن اسمه مدرج في التشكيل الوزاري الجديد!

وضحكت كثيراً من قوله: أنه ترك شركات في عدة دول تتهافت عليه، ولبى نداء الوطن، لأن الوطن من وجهة نظره هو الأب والأم والعائلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى