حوار عالم الثقافة: الكاتبة المصرية زيزيت سالم وأحمد عادل (وجها لوجه)

س: الكاتبة زيزيت سالم، دائما ما أسأل المبدع لماذا تكتب ؟ ولمن تكتب ؟

        ج: كل كاتب تعرض لهذا السؤال، وهناك كتب كان محتواها البحث عن إجابات لهذا السؤال، عن نفسي فأنا أكتب لأسجل الحاضر وأوثق اللحظة، لأخرج ما يجول بخاطري الى حيز الذكر والخلود، أكتب ما لا أستطيع أن أفعله، وربما يظهر ذلك جليا في كتابات الشعر والنثر والخواطر .

       أكتب لإلقاء الضوء على السلوكيات السلبية ومقاومتها ومحاولة تغييرها الى الأفضل أو على الأقل التحذير من تبعاتها كما في القصص والروايات، وبصفة عامة أكتب لأنني أحب الحياة وأدرك جيدا أنها لن تعاش سوى مرة واحدة بحلوها ومرها، فأكتب لأضيف لعمري أعمارا، فالكتب والكتابات لا تموت أبدا وإن رحل صاحبها .

       أما لمن نكتب؟ فهناك لغة صحفية ولغة أكاديمية ولغة عادية ولغة شعرية ولكل منهم قارئ يبحث عن احداهم، وهناك القارئ النهم الذي يقرأ في كل شئ وتستهويه كل أنواع المعرفة، ولذا أكتب للقارئ البسيط ذو المعرفة المتوسطة بحيث يكون تزويده بالمعرفة وقضاء وقت ممتع مع الكتاب هو هدفي بشرط ألا يتم تسطيح هذه المعرفة أو ابتذالها .

       فالكتابة بصفة عامة وسيلة للتواصل مع الآخرين ومتنفس في البراح خارج حدود الواقع، وربما نكتب لكي يحبنا أكثر من نحبهم (كما قال غابريل ماركيز) أو لأن الكتابة (مسلك حياة) كما علمنا لوركا .

***

س: أحيانا يلجأ المبدع للتعبير عن ذاته بالشعر وأحيانا بكتابة القصة، في أي سحابة ابداعية تعيشين أكثر، الشعر أم القصة والرواية ؟

           ج: أحب الشعر وأتذوقه منذ بداياتي فقد نشأت على كتابات ابراهيم ناجي وأمل دنقل وفاروق جويدة ونزار قباني وأحمد الشهاوي، صحيح بدأت الكتابة منذ كنت في المرحلة الاعدادية لكن نظرا لظروفي الأسرية وسفري للخارج فقد توجهت لنشر ما أكتب متأخرة، صدر لي كتابان  “أبجدية عشق” وكتاب “من شرفة المنتهى” الأول شعر والثاني نصوص، كتبت فيهما ما يجول بخيالي ومشاعري بلغة بسيطة حالمة من دون تعقيدات، فالشعر الذي يطيح بي هو ما يتمتع بإيقاع وموسيقى .

       أستمتع أيضا بقراءة القصة والرواية، فكتابات نجيب محفوظ وطه حسين واحسان عبد القدوس كان لهم التأثير الأكبر على توجهاتي، كان طه حسين يلهمني كثيرا أحببت اصراره على هدفه ونجاحه رغم إعاقته البصرية ووصوله لمراكز مرموقة وانجازاته المعروفة، لذا فسحابتي الابداعية واسعة تندمج فيها الرواية مع الشعر مع الغناء والموسيقى والفن التشكيلي .

***

س: ما هي الفكرة الرئيسية التي تدور حولها قصص كتابك عرائس السكر؟

        ج: كتاب “عرائس السكر” هو مجموعة قصصية صدرت عن دار السعيد للنشر، وهو إصداري الثالث، تدور قصص المجموعة حول معاناة النفس البشرية بصفة عامة، وتعرضها لقهر المجتمع أو الظروف أو البيئة المحيطة بها وارتباطها بالصفات النبيلة التي تتسم بها مثل الارادة والاخلاص والوفاء واليقين والعدل والرحمة على سبيل المثال لا الحصر .

       تتكون المجموعة من سبع وعشرون قصة تسبقهم استهلالات شعرية، وكان يراودني تقسيم المجموعة لكتابين لاعتقادي بأن عدد القصص زائد عن المعتاد لتأثري بقصص يوسف ادريس التي كانت تتراوح من ستة الى ثماني قصص             في الكتاب الواحد، والذي عدد صفحاته تتراوح ما بين ثمانون الى مائة وعشرون صفحة، لكني أدركت أنني بذلك سأخل بالفكرة التي بنيت على أساسها المجموعة  وشجعني أيضا قراءتي لمجموعة نجيب محفوظ القصصية التي احتوت على سبع وعشرون قصة تجاوزت الثلاثمائة صفحة، أي أن عدد القصص ليس هو المهم ، المهم الفكرة وكيفية تناولها .   

***

س: ما هي أهم القضايا التي يناقشها كتاب عرائس السكر؟

           ج: يناقش كتاب عرائس السكر عدة قضايا مهمة منها: قضية القتل الرحيم كما في قصة “غواية” والتي تبحث عن إجابات من خلال صابر الممرض، فهل من حق المريض الذي يعاني من أمراض مزمنة ومؤلمة أن يطالب أطباءه بالامتناع عن مداواته ليموت ويتحرر من عذاباته ؟

          يناقش أيضا: قضية تعديل وصية الميت كما في قصة “عمر في حقيبة” بما يتناسب مع مصلحة الأحياء وهل سيعود عليهم ذلك بخطيئة ارتكاب ذنب أن أن الحي أبقى من الميت كما يقولون ؟

      ويناقش أيضا: جواز قراءة الطالع وتصديق النبوءات وتفسير الأحلام ورسائل الأموات واتباعها كأسلوب حياة كما في قصة “قارئة الفنجان” وقصة “نداء الروح”

     ويناقش أيضا: مايحدث في أقسام الشرطة من تجاوزات وتنازلات والوجه الآخر من العدل والرحمة كما في قصة “مخالب السلطان”

    ويناقش أيضا: الوجه الآخر لمهوم الخيانة، فهل تنحصر في خيانة الجسد فقط أن تشمل خيانة الفكر والعقل كما في قصة “فرق توقيت” وقصة “شبهات”

***

س: هل تفضلين الكتاب الالكتروني أم الكتاب الورقي؟

         ج: تتميز هذه الفترة بانتاج غزير من الكتب وحراك ثقافي وأنماط كثيرة ترضي جميع الأذواق الأدبية، لذا انتشرت أيضا دور نشر كثيرة جديدة منها الجاد الذي يراعي الكاتب ويصنعه ويحترمه ولا يتقاضى منه مقابل النشر إيمانا منه بدوره كدار نشر محترمة في توصيل المعرفة للقارئ بشكل محترم، وهناك دور أخرى أيضا استغلت شغف الكتاب المبتدئين الغير معروفين بعد، وتقاضت منهم أموالا لنشر أعمالهم ولم يتم توزيع المنتج كما ينبغي بل طبعت عدد من الكتب وفقط، مما فتح المجال لظهور دور نشر الكترونية، كما أن زيادة أسعار الكتب أيضا جعلت الكثيرين يفضلون تحميل الكتب عن طريق الانترنت وقراءتها، عن نفسي أفضل الكتاب الورقي وملمسه ورائحته واحتضانه لكفي وهو يتقلب بين صفحاته .

***

س: هل توافقين على تصنيف القلم النسائي والكتابات النسائية؟

      ج: المرأة شريك للرجل في الحياة، شريك وليس ند، فلما لا تكون شريكة في الأدب أيضا، فهناك مشاركات فعالة للمرأة مع الرجل، وهناك رجال يناصرون المرأة ويعتبرونها قضيتهم أكثر من المرأة نفسها، ورغم أن هناك موضوعات لا تستطيع المرأة الخوض فيها واقتحامها كما يفعل الرجل إلا أنني لست مع التصنيف وأعتبره تمييزا عنصريا، فالأدب هو الأدب والكتابة الابداعية هي ابداع حر بغض النظر عما إن كان صادرا من امرأة أو رجل .  

***  

س: ما المكانة الابداعية التي يحتلها كتابك عرائس السكر وسط إبداعاتك ؟

         ج: كتاب “عرائس السكر” هو أول مجموعة قصصية لي بعد كتابين من الشعر، “عرائس السكر” هو أول تجربة لي للدخول الى عالم الرواية، ومما أدهشني بالفعل أن هناك كاتب كبير أعتز برأيه كثيرا عندما قرأ “عرائس السكر” قال لي: أنتِ كاتبة قصة ورواية أكثر منكِ شاعرة، لذا أعتقد أن ” عرائس السكر” سيحتل مكانة هامة وسط كتبي وسيكون مدخلا لي الى عالم لم أتوقع أنني سأخطو اليه، وقد بدأت رسم شخصيات روايتي الجديدة وسأبحر معهم الى عالمهم وسأمنح كل منهم قطعة مني، ولا أدري أين سيكون المرفأ ومتى سنصل الى شاطئنا الآمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى