سنوات الحب والدموع

هدى حجاجي | القاهرة

ماذا …….تريد أن تفلسف أحزانى …؟

– قلت :

– لا ……صدقيني …..الزمن حقيقة لمن يدرك معناه ..كفيل يقهر الألم ..بنسيانه ….. الصبر كلمة لا تغنى لكنها الآن كل ما يقال .. منذ زمن بعيد لم يجمعنا حديث مطول كنا نلتقي عند أول طرقة المدرسة أو عند أول الدرج أو في منتصفه في المرات القليلة ما بين كل حصة وأخرى كنت أشعر دائما أن هناك حاجز بيننا حاجز زمني … وحينما كبرت أحسست أن الزمن قد تغير بالفعل وأن بداخل الجسد الشاب يقبع كهل هرم وأوقات تعاود مخيلتي صور باهتة لمواقف تحوي من المزحة العابرة مقدار ما يصطبغ بسخرية مفرطة آلت إلى النسيان إلا بقايا من ملامح مجتزئة ما تزال عالقة بالذاكرة . وأفعال هي مزيج من رومانسية المراهق ورؤاه وسعيه إلى كل ما هو غريب ومثير .. ألوان شتى من اللهو الفطرى ذابت وحلت مكانها ظلال واقع بليد مفروض لكنها لا تنفك تتداعى إلى قلبي – تذكرت خلالها صفحة وجه رجل غريب اسمه ( د . زياد الرفاعى ) شعرت بوخزات في قلبي -عند انكسار الروح في حنينا غلابا ورغبة لحوح في الانقلاب من قطار العمر الراكض في غير كلل إلى نهاية المطاف رغم أني لم أكمل الخامسة والأربعين من العمر وأشغل منصبا مرموقا .. لماذا تختل كل موازين الحياة في نظري في لحظة تذكر ..لماذا ..؟!

هل لإحساسي المبكر بوطأة الزمن على كتفى بعد رحيل والدي وقيامي بدور العائل لأمي وأخواتي أم ماذا ؟…. هززت رأسي فيما رحت أرقب القمر القابع أمامي في صالة المطار كان يظهر ويختفي صورة ” زوجتي السابقة أسيل ” تظهر للحظات ثم تختفي بين سحب الخريف العابرة .. أقبلت نسمة ليلية لسعت الجانب الأيمن من وجهي . فغرقت في دموعي”

تقول سيمون دو بوافار في كتابها الجنس الآخر إن الامتياز الذي يحظى به الرجل والذي يظهر منذ طفولته هو أن كونه إنساناً لا يناقض مصيره كذكر بينما يُطلَب من المرأة أن تجعل من نفسها شيئاً وغنيمة ، أي أن تتخلى عن مطالبها كذات سيدة. وهذا هو الصراع الذي يميز وضع المرأة المتحررة بشكل خاص ،  هل اختفى بريق الحب والأيام حتى أن عينياي ما عادت تبصر من هو أعز علي من نفسي أم من هو عدوي الذي يتربص بالدوائر ويترصد لي الأخطاء حتى أني ما عدت أميز بين من يتفانى في وبين من يذيقني مر الأيام نعم لقد اختفى بريق الأيام فما عدت أرى حولى سوى أشباح هل ستظل حياتى تتلقف حيرة الماضي وأوجاع الحاضر الذي ابتلاني به الله من هم أقرب الناس كنت دائما ما أسأل نفسي هل استطاعت السنون الماضية أن تصلح ما أفسده الزمن بيني وبين زوجي التي ارتسمت عليه علامات الحيرة والاستفهام؟؟ في فهم نفس دائمة التقلب وقليلا ما تثبت على حال واحد ،هجرت الاستقرار وهجرت بيتي وعشت عاما كاملا في بيت الطالبات بحثاعن الهدوء والراحة والسكينة وربما الوحدة تاركة خلفي كل هموم الأمس حتى أنه ما بقي لي غير أن أنتزع قلبي من بين أضلعي حتى ارتاح من كل معاناتي ومعاناة البشر أصبحت أعمل جاهدة في قهر ذاكراتي لعلها تكون ذاكرة النسيان التي تقودني إلى عالم مجهول اسمه النسيان أو الهذيان سمه كما شئت، أن تسميه سيدي في زمن جريح استحالت فيه الحياة واستحال فيه الموت  كان عليّ معاقبة نفسي ؛ يجب أن أضع حدا لكل هذا الألم ؛ والابتعاد عن من أحب شرٌ لابد منه لأُشفى ؛ ستكون أياما بنكهة جهنّم ؛ لكنها ستمضي ؛ بالأصل كل سيء أو حسن سيتآكل بفعل الزمن .أيضا والحمد لله الذي أعطانا الاختيار رسم الأقدار فلو اخترنا لاخترنا أخطاء أكبر وحياة أقسى وأمر وقتلنا أنفسنا ندما ثمن الحرية …ما دمنا أحرار أدركت اليوم أن الحياة والمرأة مثل الكرة والمضرب والصدمة تكون أقسى ما فيها صوت الفزع لم أدر ماذا يحدث؟ لكن الكرة تطير في الهواء تصطدم بقوة وبقسوة بشيء ما وتسقط سريعا ثم تصطدم ثانية الكرة على أرض خضراء ناعمة ..وعلى الجانبين يقف كلاهما ممسكا بمضرب كبير مخصص لقذف الكرة وأصبحت أنا الكرة وكلاهما زوجي وأستاذي الذى أتقن فن اللعب بالكرة على أرض صلبة جامدة يلعب وهو لا يدرك أن اللعب على أوتار قلبي وزوجي يتلقي الضربات حتى يصدها عني بكل قوته واندافعه نحوب وهو لا يدرك أيضا أن الضربة تؤلمنى أكثر وأكثر فانا (أسيل وجدى) لاثمن لها إلا من خلال ضربات كل منهما كنت أبتعد وأنا في نفسي كلمة وأنا أعيش ترددا وأعلم أنه لم يفتقدني كلاهما إلا من يلحظ كبر الفراغ بعدي ويوم ما سيفهم كلاهما جيدا أن الأشياء ترحل إذا لم تجد الاحتواء وأن الصبر لابد له من حدود وأن للطريق نهاية يوم ما سيفهم كلاهما أن الحياة لا تقف على عتبة أحد تركت كل الأشياء معلقة بعدي حتى أن ما عاد صمتى يمثل شيئا ولا كلماتي يسمع لها صدى في هذا الكون تركت بيتي وحياتي تركت كل من لي هو رفيق عمري حتى أعيش وحدي في ركن معزول عن العالم قريبة وبعيدة علمتني رحلة الضياع أن الحب مثل فنجان القهوة له نكهته الخاصة واللذيذة التي تشتاق إليه من آن إلى آخر فأنت لاتسطيع أن تتركه ولا تسطيع في الوقت ذاته أن تملكه طويلا تمضي الأيام دون أن تترك بصمة فهذا محال ……… الحب في قانون المحبين لا عقل له ولا أذن فنترك كل ما لدينا ولننظر ليوم تكون فيه الأيام فيه أشد رحمة بنا توالت الأيام وذهبت إلى بيت أبي زيارة أبى الذي أقسم ألاأعود إلى بيت زوجي حتى ترد كرامتي التي أهدرها بجنونه أو يقضي الله أمر كان مقضيا لكن الأيام أقسمت ألاتنصفني إلا بعد أن تأخذ منا ومن الحب ذاته أجمل ما فيه اكتمل حمل لم يكن برغبتي ربما أرادت الحياة لي ألا تقطع الخيط الرفيع الذي بيني وبينه لكن الحياة في تواصل الإحساس والعاطفة كنا على بعد مسافات لا أكاد أسمع لك صوتا واحدا يقول وعملت ايه فينا السنين……لم يمض على سفر يوسف سوى يومين إلى الإسكندرية بعد أن نقل عمله هناك بالجامعة واشتدت الحيرة بي لكن هكذا تقسو الأيام وتتعالى حتى صارت القسوة هي القانون الأوحد الذي يحكم مشاعرنا ….التقينا مصادفة وكنا على بعد خطوات أوسنتيمترات عز علي ألا أنظر إليه فبعد أن تقدمت خطوات عدت ثانية التفت خلفي كانت حقيبة يدى وأحمل بعضا من مذاكراتى تضاعف الحمل على يدى ..لم أدرِ غير خطوات مسرعة خطوات رشيقة تحمل عني وأصابع قوية اقتربت من يدي تمسك بها وتحاول أن تلملم ما تساقط منها على الأرض كان وجهه الأسمر في مقابلة وجهي اقتربت عيناه حتى شعرت أن العالم كله تلاشى من حولي أو يكاد يتلاشى فما إن نظرت إليه

يتبع..

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مااروع تناول الاديبة هدى حجاجى لشخصياتها الديناميكية فانا اكا.د استشعر الحركة الدائبة التى لاتفتر لتلك الشخصيات الرشيقة حتى وان تغير الزمان رويدا رويدا وتغير احوال شخوصها وهي تتحسس كلا منها بعناية فائقة…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى