الشعب ضد الديمقراطية للباحث ياشا مونك

محمد الشيخ

استنام المحللون السياسيون إلى وسادة من الريش حين أتى عليهم حين من الدهر حسبوا فيه أنّ الديمقراطية الليبرالية أجود الأنظمة السياسية، وخالوا ألا خوف عليها في المستقبل ولا هم يحزنون. ولكن، يجيبهم المفكر السياسي الأمريكي الشاب ياشا مونك: ولا كما حسبتم! إنّما الديمقراطية الليبرالية في خطر من أن تتفسخ، فنمسي إمّا أمام ديمقراطية بلا حريات، أو أمام حريات “ليبرالية” بلا ديمقراطية. وها هم يستيقظون بعد أن تنبهوا إلى أنّهم كانوا يضعون رؤوسهم على وسادة من الدبابيس … وينبه المؤلف إلى أنّ على الغربيين أن يدركوا أنهم إن هم أرادوا أن يحفظوا لأنفسهم السلم والازدهار والسيادة الشعبية والحريات الفردية، فإنّه يلزمهم الإقرار بأنّ هذا الزمان الذي يحيون عليه ما كان زمانا عاديا، وأن يقبلوا فكرة ضرورة بذل جهود جبارة للدفاع عن قيمهم الديمقراطية الليبرالية: الحرية [الليبرالية] والمساواة [الديمقراطية].  

 

المدخل

يذكرنا المؤلف في مدخل كتابه بأنّ تاريخ البشر يدل على أنّ تجارب الأمم تسير بسرعات متباينة: بطيئة وسريعة، وأن زمننا هذا إنما هو زمن يشهد على تطور سريع. بالأمس فقط، كانت الديمقراطية الليبرالية في عنفوان انتصارها المدوي، وقد بدا الناس موافقين عليها، ومفضلينها على كل الأنظمة المنافسة؛ وذلك بحسبانها أفضل أنظمة الحكم. وكان الاقتصاد آنها في نمو مضطرد، وكانت الأحزاب الراديكالية تتهاوى. وكان أن اعتقد علماء السياسة أن الديمقراطية سائرة إلى نقش تأبيد نفسها. ثم ضرب الزمان ضربته، وسرعان ما حدث انقشاع وهم المواطنين عن السياسة، وها هم الشعبويون اليوم يتناسلون كالفطر. وإذ كان أعلن الكثير من المصوتين عن قرفهم من بعض الأحزاب، ومن رجال السياسة، أو من الحكومات، فها هم، في أغلبهم، قد تعبوا من الديمقراطية الليبرالية نفسها. وإن الديمقراطية لتستفيق على أزمة، وإن أبرز أمارة دالة على ذلك لهي انتخاب دونالد ترامب. وها هو الرجل، ولأول مرة في رئاسيات الولايات المتحدة الأمريكية، لا يتردد في احتقار أدنى المبادئ الدستورية: ها هو يهدد برفض نتائج الانتخابات إذا لم تكن لصالحه، ويدعو إلى سجن معارضيه الأساسيين، ويفضل خصوم البلد السلطويين على حلفائه الديمقراطيين. والحال أنّه ما كان انتخاب الرجل من الأحداث السارية ببدع: فها هي روسيا وتركيا وبولندا وهنغاريا والنمسا… تعيش على الواقع نفسه، واللائحة ما تفتأ تتسع؛ حتى لأنّها تهدد بشمول دول تعتبر مستقرة تسامحية: السويد وألمانيا وهولندا … وإذن، يظهر أنّه من المستحيل إنكار أننا نمر بلحظة شعبوية بادية للعيان. والمسألة تكمن، عند المؤلف، في تحديد ما إذا كانت هذه اللحظة سوف تتحول إلى حقبة، بحيث تضع موضع سؤال مسألة بقاء الديمقراطية الليبرالية نفسها.

ثم يعود المؤلف القهقرى ليذكرنا بأنّه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، أصبحت الديمقراطية الليبرالية هي النظام المهيمن على العالم، وقد بدا أنّها متجذرة كل التجذر بحيث لا يمكن أن تجتث، على الأقل من أمريكا الشمالية ومن أوروبا الغربية. وقد بدا أنها تمكنت التمكن كله من البلدان السلطوية في أوربا الشرقية وفي أمريكا الجنوبية، ثم انتشرت بسرعة عبر آسيا وإفريقيا. ويذكر المؤلف أسباب انتصار الديمقراطية الليبرالية المتمثلة في أنّه ما كان يوجد لها من بديل متسق. غارت الشيوعية، وما كان للثيوقراطية الإسلامية بإيران من نصير، وكان نموذج رأسمالية الدولة الصيني معزولا. ومن هناك نما الاعتقاد بأنّ المستقبل، كل المستقبل، إنّما هو للديمقراطية الليبرالية.

ثم يذكرنا المؤلف بأطروحة فوكوياما التي زكت هذا الطرح، وبمختلف الردود عليها والتشكيكات فيها. ويذكر أنّ الأطروحة بقيت، رغم ذلك، هي المؤثرة؛ لأنّه حتى وإن لم يتنبأ فوكوياما التنبؤ الصريح بالانتصار النهائي لليبرالية، وظل مترددا في بعض فقرات كتابه، فإنّه ظنها مستقرة في بلدانها كل الاستقرار؛ وذلك حتى حسب المؤرخون زمننا هذا حقبة “تعزيز الديمقراطية” عن طريق بلوغ الشعوب مستوى راق من الثراء والتربية، ومجتمع مدني حيوي، وحياد للمؤسسات الحاسمة شأن مؤسسة العدالة.. لكنّ الأحداث الأخيرة شككت في هذا السيناريو الوديع، وها هي سائرة إلى تحويله إلى كابوس مريع.

وهكذا، فإنّه منذ ربع قرن خلا، كان أغلب مواطني الديمقراطيات الليبرالية راضين كل الرضا عن حكوماتهم، وقد عبروا عن أعلى درجات التقدير لمؤسساتهم؛ لكنّهم باتوا اليوم أكثر إحباطا من أي وقت مضى. ومنذ ربع قرن، كان المواطنون فخورين بالعيش في ديمقراطيات ليبرالية، ويرفضون بتاتًا كل بديل متسلّط عن نظام حكمهم، وها هم اليوم يستيقظون وقد أمست ثلة منهم معادية للديمقراطية. ومنذ ربع قرن، كان يجد الخصوم السياسيون أنفسهم مجمعين على تشاطر قواعد ومبادئ ديمقراطية أساسية، وها هم المرشحون اليوم يخرقون المعايير الابتدائية للديمقراطية الليبرالية، وإنّ قوتهم في ازدياد مضطرد…

ها نحن أولاء التشكيك في الأطروحة الأولى – الليبرالية- وفي الأطروحة الثانية معا الديمقراطية- وقد تمّ الاعتقاد لأمد طويل بأنّ الليبرالية والديمقراطية جملة موصولة. وها هما اليوم تتفارقان: ثمّة شرخ بدأ يحدث بين حماية الحريات (الليبرالية) والإرادة الشعبية (الديمقراطية). وبالرغم من ذلك، يستمر الباحثون في إنكار فك الترابط هذا؛ إذ لا زالوا يعتقدون أنّه حينما تلتقي الليبرالية والديمقراطية، فلا يمكن أن يتولّد عن هذا اللقاء سوى مزجة مستقرة وسليمة ومُتّسقة. لكن اليوم حيث قناعات المواطنين تفضل إما معاداة الليبرالية أو معاداة الديمقراطية، فإنّ هذا الأمر يضع تلك المزجة في أزمة. فالديمقراطية الليبرالية ـ تلك المزجة العجيبة من النزعة الفردية [الليبرالية] والسيادة الشعبية [الديمقراطية] ـ والتي ميّزت لزمن طويل أغلب حكومات أمريكا الشمالية وأوربا الغربية تترنح اليوم وتميد. وبالبدل عنها، ها نحن نشهد على ميلاد ديمقراطيات ضد الليبرالية، أو ديمقراطيات بلا حرية، وعلى بدو ليبراليات ضد الديمقراطية، أو حريات بلا ديمقراطية.

يلح المؤلف على أننا أمسينا نحيا في فترة استثنائية وفاصلة وحاسمة ومصيرية. وينبه على أنّ الحدث جلل. ويحاول، في كتابه هذا، اقتراح تأويل عام لعصرنا السياسي يقوم على أربع قضايا:

  • البرهنة على أنّ الديمقراطية الغربية سائرة إلى التحلل والتفكك إلى مختلف أجزائها؛ بما يتولّد عنه
    ديمقراطية معادية لليبرالية، من جهة، وليبرالية معادية للديمقراطية، من جهة أخرى.
  • يدافع عن فكرة أنّ خيبة الأمل العميقة تجاه النظام السياسي تشكل تهديدا حيويا لبقاء الديمقراطية
                     الليبرالية نفسها.
  • يفسر ويعلل دواعي هذه الأزمة.
  • يبرز ما الذي ينبغي المبادرة إليه لإنقاذ ما يستحق أن ينقذ من النظام الاجتماعي والسياسي الغربي الذي
    بات مهددا.

تبعا لهذا، يتبوب الكتاب إلى ثلاثة أبواب: باب أول عقد لتشخيص الأزمة، وباب ثانٍ خُصص لتعليل أسباب الأزمة، وباب ثالث أفرد لوصف علاجات الأزمة.

 

الباب الأول: باب الأزمة

يا لها من مفارقة! ويا له من عالم مجنون! أكد المعلقون والخبراء على أنّ الإنجليز لن يصوتوا على البريكست، ومع ذلك فعلوها! وطمأنونا بأن ترامب لن يُنتخب أبدًا، وفعلها! وأيقنوا أنّ الديمقراطية لن تواجه خطر عدم تعزيزها، وعاشته! وها نحن أولاء عصر “عدم يقين جذري”. ولا بد من مراجعة كل ما افترضناه! أَوَ يمكن أن تُزلزل الديمقراطيات؟ وأيمكن أن يقود صعود الشعبويات إلى تحلل النظام السياسي الغربي؟ لكي يتضح الأمر، لا بد من تعريف المفهومين الأساسيين: “الليبرالية” مستخدمة هنا بمعنى نزعة الدفاع عن القيم الأساسية، شأن حرية التعبير وفصل السلط أو حماية الحقوق الفردية. و”الديمقراطية” مستعملة هنا بمعنى جملة مؤسسات منتخبة تترجم عن إرادة شعبية في السياسة العمومية. وما “الديمقراطية الليبرالية” سوى نظام سياسي – ليبرالي وديمقراطي معا – يحمي الحقوق الفردية ويترجم عن الإرادة الشعبية. وهذا يعني أنّ “الديمقراطية الليبرالية” يمكن أن تفسد بأحد طريقين: من جهة، يمكن للديمقراطية أن تصير معادية لليبرالية، وذلك عندما يرغب قسم كبير من الشعب في إخضاع المؤسسات المستقلة إلى أهواء السلطة التنفيذية أو تقليص حقوق الأقليات التي لا تعجبه ولا يحتملها. ومن جهة أخرى، يمكن لليبرالية أن تمسي معادية للديمقراطية رغم الانتخابات المفتوحة والمنتظمة، وذلك عندما ينزع النظام السياسي إلى تحقيق منافع للنخب بحيث لا تغدو الانتخابات ترجمة عن إرادة الشعب.

ويرى المؤلف أنّ انفراط العقد هذا بين “الديمقراطية” و”الليبرالية” هو بالذات ما صار يحدث في الكثير من بلدان العالم. لقد ارتبطت الديمقراطية بالليبرالية بسبب جملة ظروف تكنولوجية واقتصادية وثقافية، وها هو اليوم هذا الرابط يضعف ويتلاشى، بحيث أضحت الديمقراطية سائرة إلى الانهيار. ومن هنا بدأ يظهر شكلان من أنظمة فك الارتباط: الديمقراطية المعادية لليبرالية، أو الديمقراطية بلا حرية، والليبرالية المعادية للديمقراطية، أو الحرية بلا ديمقراطية. وإذا كانت لا تزال هناك نماذج قليلة للديمقراطية الليبرالية – كندا – فإنّ النماذج المضادة سائرة إلى التكاثر: نموذج الديمقراطية المعادية لليبرالية على شاكلة بولندا، ونموذج الليبرالية المعادية للديمقراطية على شاكلة الاتحاد الأوروبي.

وتلك علامة “نهاية قصة العشق بين المواطنين والديمقراطية”؛ إذ بات يتآكل شيئا فخر المواطن بأنّه يعيش في ديمقراطية، وأمست تزداد شيئا فشيئا مسامحته في أن يعيش في نظام ديكتاتوري، أو على الأقل لا يبالي. ولن ينقذنا الشباب على هذا المستوى؛ لأنّهم الأكثر نقدا اتجاه الديمقراطية. 

لقد آزر المواطنون الديمقراطية الليبرالية لا لسواد عيون مبادئها، على خلاف ما يعتقده الكثير من الباحثين، ولكن لأنّها كانت تحفظ السلم وتملأ الجيب، وها هي ما عادت تفعل، وقد دخلت في “أزمة إنجاز”، فما عادت قادرة على خدمة مواطنيها؛ ولذلك ما عادت تؤازَر. هي ذي الأزمة التي استغلتها الشعبوية الصاعدة عبر العالم من أجل تفكيك بعض العناصر المفتاح للنظام الديمقراطي الليبرالي.

 

الباب الثاني: باب الأسباب وهي في عداد الثلاثة

  • كانت السيطرة على وسائل الاتصال الجماهيرية تحد من انتشار الآراء المتطرفة، وتساهم في إقامة طائفة من الوقائع والقيم المتشاطَرة المتشارَكة، وكانت تبطئ من سرعة بث الأخبار الزائفة. لكن صعود الأنترنت والشبكات الاجتماعية أضعف اليقظة والحرمات التقليدية لصالح حركات ورجال سياسة متطرفين كانوا إلى حد يومها مهمشين منبوذين.
  • كان أغلب المواطنين، على مدار تاريخ الاستقرار الديمقراطي، يستفيدون من تحسن سريع في مستوى معيشهم، وكانوا ينعشون آمالا كبرى في أن تتحسن أكثر فأكثر وتسير نحو الأفضل فالأفضل. وها هم المواطنون اليوم، في العديد من المجالات، يعانون من تدني مستوى عيشهم، ولسوف يعانون أكثر في المستقبل في سياق أزمة لا يلوح أي أفق لكي تنفرج.
  • كانت قد أرسيت أغلب الديمقراطيات المستقرة على أساس ساكنة متجانسة أو ذات هيمنة جماعة إثنية مخصوصة. وها هي اليوم هذه الهيمنة وقد أضحت محل تساؤل وتشكيك. مما أدى إلى ردود أفعال شعبوية..

وقد تناولت فصول هذا الباب بالتفصيل كل سبب على حدة. ولهذا دار الفصل الأول على الشبكات الاجتماعية، والفصل الثاني على الركود الاقتصادي، والفصل الثالث على مسألة الهوية. وكل مشكلة من هذه المشكلات الثلاث التي تواجهها الديمقراطيات الغربية تحيل على تحد خطير ومستعجل. ويقر المؤلف بأنّ الاستجابة إليها ثلاثة أمر مستحيل، ومع ذلك يمكن القيام بهذه المحاولة المستحيلة؛ لأن مصير الديمقراطية رهن بها.    

 

الباب الثالث: باب العلاجات

لا علاج، عند المؤلف، إلا بمواجهة ما يسميه “القوى البنيوية” التي تدعم الشعبويين. وهو يطرح كيفية مقاومة هذا المد على ثلاث جبهات:

  • العلاج الأول: من أجل إنقاذ الديمقراطية، يلزم تجميع كلمة المواطنين حول رؤية مشتركة للأمة.
  • العلاج الثاني: ينبغي إعادة الأمل إلى المواطنين في مستقبل اقتصادي واعد.
  • العلاج الثالث: يلزم جعل المواطنين أكثر مقاومة لألوان الأكاذيب وأنواع الكراهية التي يصادفونها كل يوم على شبكات التواصل الاجتماعية.

تشكل هذه التحديات الثلاثة والاستجابة إليها ما يسميه المؤلف “معركتنا ضد الشعبوية ومن أجل مجتمع أفضل”. ولهذا ترد فصول هذا الباب على النحو التالي:

  • استيلاف [تدجين] القومية من قومية إقصائية إلى وطنية استدماجية: إذ شأن القومية شأن حيوان نصفه
    متوحش ونصفه مستأَلف. وطالما استئلفت هي ظلت نافعة ومثرية للحياة الجماعية، لكنها كالحصان
                     الجموح تهدد دوما بكسر القيود، وعندما يحصل ذلك قد تصير مميتة.
  • ترميم الاقتصاد. يدعو المؤلف إلى ضرورة تبني “مقاربة شجاعة” لأكبر تحديات الاقتصاد، وذلك
    لضمان تحسين مستوى عيش المواطنين. ويؤمن بدولة رعاية، لكنها دولة رعاية حديثة من شأنها أن
                     تبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين وأن تشجع على الاستمرار.
  • إعادة إحياء الدين المدني. ويقصد المؤلف بذلك تربية المواطنين تربية تنويرية، لأقدارهم على مواجهة بعض سلبيات وسائل الاتصال الحديثة. إذ لئن كان بزوغ هذه التقنيات قد دفع بالنمو الاقتصادي دفعة، ويسر الترابطات العابرة للحدود بين الأفراد، فإنّه ساهم أيضا في نشر خطاب الكراهية وبث نظريات المؤامرة. إذ صاحب دمقرطة وسائل الاتصال تلويث المعلومات والأخبار. وإنّ أحد الأسباب الرئيسية لصعود الشعبوية لهي وسائط الاتصال المعاصرة. ولا سبيل إلى العودة إلى الرقابة، لا ولا إلى ترك الحبل على الغارب، وإنما تلزم تربية المواطنين، لا سيما الشباب منهم. وهنا ينبغي التعويل على المدرسة والجامعة.

 

الخاتمة

تبدو كل الأنظمة السياسية فاسدة، لكن لا واحد منها خالد: من الديمقراطية الأثينية إلى الجمهورية الرومانية. ويدعونا المؤلف إلى أن نتأمل هذا الدرس. فالعقود السبعة التي مضت على الحرب العالمية الثانية وفّرت الكثير من السلم والازدهار لا سابق له. وعلى خلاف الأسلاف، فإنّ الأخلاف ما كان لهم أن يواجهوا لا الحرب ولا الثورة ولا المجاعة ولا التوترات المدنية؛ بما أوحى أن القول بأنّ الديمقراطية يمكن أن تختفي يوما، وأن عهدا جديدا يمكن أن يحمل في طيّاته الموت والجوع بدل التسامح والثراء، قول يتعارض مع تجربتنا العادية. لكن التاريخ مليء بأفراد عاجزين عن إدراك إمكان أن يتحول الحال. لا بد من الحذر والاحتراز إذن. فلربما تكون تلك الحقبة الديمقراطية الليبرالية ـ حيث تم التنعم بقدر من السلم والازدهار ـ سائرة إلى أن تأفل. وها واقعنا اليوم يشي بأننا صرنا أكثر فأكثر أمام ديمقراطيات بلا حريات، أمام حكومة إرادات شعبية سعت إلى جعل المجتمع أقل ليبرالية، وإلى مهاجمة الحريات الفردية. وإذ يقول المتفائلون: الشعبويات، لا محالة، آيلة إلى زوال، فإن المؤلف يحذر من أن تأتي الأيام على الحريات الفردية. فلا أحد بمكنته أن يعدنا بنهاية سعيدة. ولهذا السبب، لا بد من “الكفاح من أجل قناعاتنا” بغض النظر عن العواقب. ويختم بالقول: على الرغم من أن ثمرة عملنا تبقى أمرا مشكوكا فيه، فإننا سوف نفعل ما يلزم لكي ننقذ الديمقراطية الليبرالية.

 

عنوان الكتاب

الشعب ضد الديمقراطية: لماذا حريتنا في خطر وكيف يمكن إنقاذها

اسم المؤلف

ياشا مونك

تاريخ النشر

2018

بلد النشر

الولايات المتحدة الأمريكية

اسم الناشر

 مطبوعات جامعة هارفارد

لغة النشر

الإنجليزية

عدد الصفحات

378

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى