حوار عالم الثقافة: التشكيلي والروائي العراقي  عبد الرضا صالح وريم العبدلي (وجها لوجه)

يجمع بين الصمت والبوح بالخطوط والألوان، وعشقه للتشكيل جعله يربط تلك الروح بروايته محلقا في سماء الفن والإبداع صدر له العديد من المجموعات القصصي والروايات كما تحصَّل على العديد من الجوائز ولنتعرف عليه أكثر كان لنا معه هذا الحوار:-

***

عرفني بحضرتك؟

باختصار أنا عبدالرضا صالح محمد (رضا الصالح) / بكالوريوس تربية فنية/ عضو نقابة الفنانين العراقيين/ عضو جمعية التشكيليين العراقيين / عضو اتحاد أدباء العراق/ عملت مديراً لمجلة البديل الثقافي ومحرراً لجريدة شذرات كربلائية/ اشتركت في معظم المعارض الفنية القطرية والعربية/ ترجمت بعض نصوصي إلى اللغة الإنكليزية والروسية/ صدر لي أربع مجاميع قصصية وسبع روايات/ وحصلت على بعض الجوائز الفنية والأدبية.

***

لكل فنان أسلوب يمتاز به وأسلوب يمثله فما هي أول لوحاتك؟

عادة ما تكون البداية بسيطة، مجرد حب الرسم والبحث والتنقيب عن مواده وأساليبه الفنية وعن اللون وأسراره واستخداماته، تلتها مرحلة التخطيط والاسكيتشات، لم أتنبأ بكوني رساماً حتى سمعت أستاذ الرسم يوماً يقول لي وأنا في المرحلة المتوسطة: (أنت فنان شئت أم أبيت) ومن هنا انطلقت في رحلة الفن في مرسم المدرسة وكانت أول لوحاتي الواقعية (قرويتان) بالعباءة الجنوبية وبأيديهن المكايل في رحلتهما للتسوق بألوان الزيت بحجم متر في 70 سم، وكنت استمد مواضيعي الفنية في البدء من الطبيعة العراقية، ثم تطورت أساليب الرسم لدي ونفذت رسومات من المدارس الأخرى كالانطباعية والتأثيرية والتكعيبية والتجريدية.

***

ماذا يحفِّز ريشه الفنان اكثر على الرسم؟

الفنان لا يختلف عن الآخرين سوى أنه أكثر إحساساً بالعالم الذي يحيط به، فالنجاح ورضا الناس عن أعماله هما حافزان مهمان في تحفيزه وتطوره وتقدمه نحو الأمام كما أن الدعوات التي تقدم إليه للاشتراك بالمعارض أو المؤتمرات الثقافية هي الحافز الأخر الذي يدفعه لمواصلة عمله الفني.

***

عما تبحث في لوحاتك ؟.

إن كل ما يدور في عالمنا وواقعنا من تغيرات وأحداث تؤثر سلباً أو إيجاباً في نفسية المواطن وخصوصاً الفنان منهم، فاللوحة بالنسبة له هي رسالة موجهة للجمهور ومن خلالها يطرح  أفكاره ورؤاه وموضوعاته الهادفة، كما أن للطبيعة سلطانا على أداء الفنان بما منحته من جمال وتناسق وتوافق طبيعي.

***

الفن سلاح ذو حدين كيف تحددهما لنا من رؤيتك الفنية الخاصة؟

نعم الفن كما الكأس وما يحتويه، فإن وضعت به عصيراً أو ماءً كان مفيداً ومنتجاً، وإن وضعت فيه السم كان قاتلا، وكذلك الفن إذا استُغل في توجيه وتربية الناس كان سلاحاً مثمراً والعكس صحيح، ولتقريب الفكرة فإن المسرح يمكن أن ينتج شعباً صالحاً ويمكن أن يكون أداة هدم وتخريب للمجتمع.

***

كيف توازن بين الكتابة والفن؟

هناك عامل مشترك بين الفن والأدب وهو عنصر التخيل، وفي تقسيم الوقت والسيطرة على دقائقه أستطيع الموافقة بينهما، بعمل ساعات مخصصة لكل منهما.

***

هل اللوحة تشعرك بالعزلة عند اعتزام الانتهاء منها ؟

إنجاز اللوحة يشبه بحد ذاته إنجاز أي مشروع كبير، فإنها نشبه البذرة في زراعتها ومراقبتها حتى تنمو وتكبر وتثمر، هكذا تكون نظرتي للوحة وهي تنمو وتنضخ وعند إتمامها أشعر بنشوة كبيرة في إنجاز ذلك المشروع، وفي الوقت ذاته أبدأ من جديد في التفكير والتحضير لمشروع قادم.

***

دعنا نعرِّج عن جانب الروائي في شخصيتك منذ البدايات؟

منذ الطفولة وأنا أرتاد المكتبة المركزية في مدينتنا لقراءة مجلات الأطفال، فأدهش للرسومات التوضيحة التي تحتويها المجلة،  فكنت أرسم تلك (الفكرات) وأقراء القصة في الوقت نفسه، هذا أحد العوامل،  أما العامل الأخر والذي كان له تأثير مباشر فهو جدي – رحمه الله – ، فكان يشتري لنا القصص التراثية الشائعة في ذلك الوقت أمثال: أبو زيد الهلالي، المياسة والمقداد، حرب البسوس وغيرها، نقوم بقراءتها له أنا وأخوتي بالتناوب، نعم لقد غرس بنا هذا الرجل الأمي حب القراءة، والتي تطورت عندي فيما بعد إلى الكتابة.

***

هل تستطيع أن تلامس بين العمل الروائي ولوحاتك الفنية؟

أحينا أقوم بالممازجة بين الفن والأدب وفي شخصيات رواياتي، حيث تكون الشخصية الرئيسة فناناً كما في روايتي (ثلاثية اللوحة الفارغة) . أو وصف لأحد المعارض الفنية أو زيارتها.

***

حدثني عن نتاجاك الأدبي؟

في بداية كتاباتي كتبت كتابين فنيين هما الفخار والخزف ثم عناصر الفن الإسلامي، ثم كتبت أول مجموعة قصصية بعنوان (كرة الصوف) ثم لحقتها بـ (سقوط الأجنحة) و(خرير الوهم). بعدها انتقلت لكتابة الرواية وقد أنجزت سبع روايات هي: (أضغاث مدينة، بعد رحيل الصمت، ثلاثية اللوحة الفارغة، سبايا دولة الخرافة بنسختيها العربية والإنكليزية، ثم الكواز ورحلة التيه، ونبوءة غراب) وهناك مخطوطات لم تطبع بعد (كخازن المقبرة وأحلام اليوكا).

***

ماهي طقوسك في الكتابة؟

في البداية كنت أحبذ الكتابة وأنا جالس على البساط، وأكتب بقلم الرصاص على أي ورقة تنالها يدي وخاصة إذا كانت قديمة، ثم أنقلها إلى الحاسبة، أما الآن فإني أجلس على مكتبي صباحاً بعد تناول وجبة الإفطار والخروج إلى حديقة المنزل لأعبيء من هوائها النقي ثم أعود للجلوس على مكتبي ومباشرة الكتابة، بعد ما أشعر بهدوء تام لا يشغل تفكير أي موضوع كان، وحينها أندمج مع شخصيات الرواية وأتفاعل معها منقطعا عن عالمي الخارجي.

***

ماذا يشغلك الآن؟

إن ما يشغلني الآن هو الأحداث الجارية على ساحة بلدي والبلاد العربية، كما أن  العقل البشري لا ينقطع عن التفكير والنزوح نحو التطور والتقدم، والكاتب يرنو دائما إلى التجدد وتقديم ما هو مهم لقرائه، بيد أنني دائم التفكير في عمل روائي مستقبلي كبير قد يكون خاتمة أعمالي الأدبية وأسال الله أن يوفقني في إنجازه.

***

العمل الأدبي يصنع تاريخه الخاص هل يجب امتلاك ثقافة تاريخية ليتمكن الروائي من التحكم في فصول روايته وأحداثها ؟

الثقافة الواسعة والاطلاع على نظريات النقد الأدبي، والإلمام بتاريخ الشعوب هي عوامل مهمة تساعد في توسيع مدارك الكاتب، وبالخصوص تاريخ أمته وشعبه، ومن هذا يتكون لديه رصيد ثقافي يستخدمه في سردياته متى احتاجه؛ ليغترف منه ما هو ملائم لرواياته.

***

كلمة تكون لنا مسك الختام في حوارنا هذا؟

ليس لدي ما أقدمه سوى تقديم التحية الشكر لك أستاذة ريم على إتاحة الفرصة لي لنقل المعلمات التي تخصني للقراء الكرام، خاصة وأن الأديب العراقي يشعر بشيء من التهميش في وسائل الإعلام العربية والغربية رغم الطاقات الكبيرة التي يمتلكها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى