معهد العالم العربى بباريس منارة ثقافية

د. شعبان عبد الرحمن | نانت ـ  فرنسا

فى قلب مدينة باريس التاريخية ،  على نهر السين ، و ليس بعيدا عن جامعة السربون ، يوجد مبنى معهد العالم العربى، ذات الواجهة المعمارية المستمدة من الفن العربى الإسلامى، حيث تتكون من 240 مشرابية، ويعتبر المبنى بأكمله تحفة معمارية يتعايش فيها التاريخ والحداثة فى تناغم تام، وتم إفتتاحه سنة 1987 فى عهد الرئيس فرانسوا ميتران.

تم الإتفاق على تأسيس هذا المعهد فى فبراير 1980، فى عهد الرئيس الفرنسى جيسكار ديستان، و وقع الإتفاقية سفراء الدول العربية الأعضاء فى الجامعة العربية، باستثناء  ليبيا ، مصر وفلسطين، حيث انضمت مصر و ليبيا للاتفاقية عام 1988، و تبعتهما فلسطين سنة 1989 .

يهدف المعهد الى تقديم الثقافة العربية للفرنسيين، ويعتبر نموذجا فريدا من نوعه فى المجال الثقافى، حيث يمثل العلاقة القوية التى ربطت فرنسا بالعالم العربى على مر العصور.

يتكون المعهد من عدة أقسام أهمها:

1 ـ المتاحف

ـ المتحف الدائم والمكون من ثلاثة طوابق، خصص الأول منها للعالم العربى قبل الهجرة، والثانى للعالم العربى الإسلامى ، والأخير للعالم الإسلامى (الهند ـ إيران ـ تركيا )

ـ صالة العروض المؤقتة، التى تعرض فيها قطع أثرية، مستعارة، تعالج موضوعا معينا ، بواقع معرض كل عام، يستمر من ستة إلى تسعة شهور إلى مكة ، والمغرب المعاصر.

2 ـ  المكتبة

تضم مكتبة المعهد ، مجموعة نادرة من الكتب ، بلغات مختلفة ، و من عصور مختلفة ،  تهدف الى تعميق المعرفة بالحضارة و الثقافة العربية ، من مصادرها ،  و  تطوير الدراسات من اجل المعرفة ، و الفهم ، من جانب الفرنسيين للعالم العربى ، تاريخه ، حضارته ، ثقافته و فنونه .

الدخول للمكتبة متاح للجميع دون أية قيود ، و بها صالة للإطلاع تحتوى على 150 مكان ، إضافة الى امكانية إستعارة الكتب لسكان العاصمة الفرنسية ، مقابل إشتراك سنوى بسيط ، و الحصول على بطاقة لهذا الغرض.

تضم المكتبة أيضا أكثر من الف كتام رقمى فى كافة اوجه الثقافة العربية ، إضافة الى مكتبة متخصصة للأطفال حتى سن 12 سنة، تعرض احيانا بعض الرسوم المتحركة.

3 ـ  خدمات آخرى يقدمها المعهد .

صالة أنشطة للأطفال تعرض بها بعض الأفلام ،  مكتبة لبيع الكتب باللغتين العربية و الفرنسية، إضافة الى بعض الهدايا ذات العلاقة بالفن العربى الإسلامى .

يوجد فى المعهد مركز لتعليم اللغة العربية كلغة أجنبية ، و به مطبعة تتعاون مع بعض دور النشر، و تطبع متطلبات المعهد .

يصدر معهد العالم العربى، بداية من 1991 ، مجلة ربع سنوية، باللغة الفرنسية ، تسمى قنطرة، تعالج انشطة المعهد ، و المقالات المتعلقة بالثقافة العربية .

يتولى رئآسة مجلس إدارة المعهد شخصية ثقافية فرنسية ، يمثل المعهد و يتحدث باسمه، عادة أحد الوزراء السابقين، حاليا يتولى هذا المنصب جاك لانج وزير الثقافة الفرنسى الأسبق.

بإختصار، مؤسسة ثقافية متكاملة تعتبر نافذة للجمهور الفرنسى على الثقافة العربية ، و قنطرة تربط بين ثقافتين، أو ثقافات متعددة .

يعبر هذا المعهد عن فرنسا فى علاقتها، بالعالم العربى ، وبالعالم بصفة عامة ، تكبر بالإنفتاح على الآخرين ، و تنكمش ، و تصغر، عندما تنغلق على نفسها.

مدن كثيرة فى عالمنا العربى ، كانت يوما مصدر إشعاع ثقافى على العالم إجمع ، و مازال فى مقدورها أن تنشر الثقافة و العلم ، أذكر على سبيل المثال، بغداد ، ودمشق و القاهرة، القيروان و فاس و قسطنطينة، وغيرها من المدن العربية.

الإنفتاح على العالم مصدر قوة للجميع ، و التبادل الثقافى يزيل المسافات بين الشعوب ، و يمنع العنصرية و الكراهية ، المبنيان دائما على الجهل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى