الرقيب (قصة قصيرة)

منى النجم | العراق

كانت في العشرين من عمرها، تخشى من الكلاب والمتسولين وسراق العواطف. لذلك هي تحتاط كثيرا في ذهابها وإيابها لمدرستها.

لا تثق بأي أحد….وهذا  بسبب جملة من الحكايات سمعتها من قريباتها اللواتي يترددن على أمها لقضاء حاجة ما.

وفي كل خروج لها تكون قد احتاطت أكثر، ولكنها تلمحه ينظر إليها بشيء من الخباثة، ذلك الشاب ذو الهيأة الرثة في شارع الطوسي. وهو يجلس أرضا يراقب المارة بعين رجل بوليس.

كانت تعتقد أنه رجل مخابرات يختبئ في زي متسول فكثيرة هي الحكايات التي سمعناها عن رجالات أمن يتسربلون الخرق  ويسكنون الأزقة ويتعقبون كل شاردة وواردة.

ولم يسلم منهم حتى العجزة وكبار السن فإنهم مسلحون بآذان واسعة تلتقط حتى عراك الشخص مع نفسه.

قررت أن تتجاهله ولا تنظر ناحيته علّه يكّف عن تعقبها بنظراته الحادة . حياة بائسة… وإلا ما معنى أن تسير فتتعقبك الآذان والنظرات المسمومة، قالت في نفسها ومضت تكمل خطواتها بثقل واضح.

فهي في أعتى درجات الخوف تتصّنع القوة والجبروت.

إن للكلاب حاسة معرفة هلع الإنسان منها، فلعل الرجل البوليسي يمتلك الحاسة ذاتها؟

واصلت سيرها غير مكترثة له ولما قاربت أن تصل محل جلوسه تحفز للقفز والهجوم، فأشاحت بوجهها عنه كي لا تراه وليحدث ما يحدث.

لكنها كانت تخشى أن يجّر عباءتها فيخجلها أمام الّمارة.

صخب الشارع المليء بالكسبة والباعة والمرتادين أعاد لها اتزانها لعله يخشاهم فلا يجرؤ على الدنو منها..أحسّت بدقات قلبها تنبض بحنجرتها، وتفصد جبينها عرقا.

ولما تجاوزته بعدة خطوات وهي تحسب أنها نجت. ثبّت فمه على أذنها و وشوش بكلمة بصوته الأجشّ

(عبايتك بيها تراب).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى