رواية ” كابتشينو ” للسيد حافظ .. سرد بتضاد التطور والتجديد حد الجنون و الرفض حتى المقت

د. نجاة صادق محمد | ناقدة وشاعرة عراقية – مصر

قبل أن يصل السرد الروائي إلى طريق مسدود وبالتحديد عند المنعطف يأتي من عالم المسرح رجل يرتدي معطفًا معبئًا بالتمرد؛ ليغير عالم السرد من كل الزوايا والعتبات (الأسماء، الأزمنة، الأمكنة، اللغة، تداخل وتشظي الأجناس الأدبية) حتى تنجو الرواية من الموت وتنطوي صفحاتها في إدراج الزمان الأدبي. آتى ليفتح الأبواب الموصدة في عقول المناهج النقدية القديمة أو بمعنى أدق التي أصبحت قديمة بسبب مئات أو آلاف الروايات التي تعتمد على الحكاء والحكاية الاجتماعية البسيطة الساذجة، فظهر الكاتب السيد حافظ بروايته الأولى (نسكافيه) أو بمعنى أدق الرواية الثانية بعد روايته الأولى (مسافرون بلا هوية) 1993 م دار العربي ـ القاهرة.

وجاء الزلزال الأكبر بمشروعه الذي استمر في كتابته عشرة سنوات (2010 ـ 2020) وسمي المشروع (بالسباعية الحافظية) التي أطلق عليها النقاد هذه التسمية وكانت تتمثل في إنتاج سبع روايات وهي (قهوة سادة ـ كابتشينو ـ ليالي دبي شاي أخضر شاي بالياسمين ـ كل من عليها خان ـ حتى يطمئن قلبي ـ ماأنا بكاتب ـ لو لم أعشقها) وكانت المفاجأة في نهاية السباعية التي قدمها الكاتب تشظت السباعية إلى ما يأتي (19 جزء وهي كالآتي رواية قهوة سادة ـ خرج منها 1 ـ شهرزاد تحب القهوة سادة 2018 2ـ كرسي على البحر 2018، رواية كابتشينو 2012 خرج منها ـ 1 نور وموسى الحبل السري للروح في 2018، 2ـ هل مازلت تشرب السيجار 2018. رواية ليالي دبي شاي أخضر، شاي بالياسمين عام 2014 خرج منها: 1ـ الحاكم بأمر الله وشمس 2018، 2ـ وتحممت بعطرها 2019، رواية كل من عليها خان 2015 خرج منها 1ـ نيروزي والبنت وجد 2018، 2ـ كل هذا الحب 2019، رواية حتى يطمئن قلبي عام 2016 خرج منها، 1ـ حكاية البنت لامار وقراقوش 2019.2ـ نسيت احلامي في باريس 2019، رواية ما أنا بكاتب ـ عام 2017 خرج منها 1ـ وهمت به 2018، 2ـ شط إسكندرية يا شط الهوى 2018، وأخيرًا رواية لو لم أعشقها عام 2019 الجزء السابع والاخير من السباعية الحافظية) ونحن هنا بصدد الكتابة عن الجزء الثاني من السباعية وهي رواية (كابتشينو) وكابتشينو طبعت طبعتين الطبعة الأولى في (2013) القاهرة مركز الوطن العربي رؤيا أما الطبعة الثانية فكانت في 2017 القاهرة مركز الوطن العربي رؤيا وكانت مختلفة عن الطبعة الأولى في شقين الحذف والإضافة، ويعتبر هذا الحدث الأدبي زلزالًا أو بركانًا في الإبداع الأدبي وهناك زلزالً آخر هو طباعة قهوة سادة طبعتين الأولى في 2011 الهيئة العامة المصرية للكتاب والثانية طبعت من قبل دار نشر الحضارة العربية عام 2020 م.

فالكاتب كلما طرح كتاباً جديداً فتح أبواب الدهشة والبحث أمام النقاد والباحثين الراغبين في تطوير أنفسهم واكتشاف الجديد في عالم النقد والإبداع وكلما عاد طباعة كتاب آثار مشكلة لدى مدرسة النقد المقارن بين الكاتب في طبعته الأولى وطبعته الثانية وهذا لم يحدث على ما أظن في إعادة طبع الروايات على مستوى مصر خاصة والوطن العربي والعالم عامة فقد تعودنا أن يتم الحذف والإضافة في الدراسات وكتب الأبحاث العلمية والأدبية فقط أما في مجال الإبداع الروائي أو الشعري أو القصصي فالطبعة الأولى هي نفسها الطبعة الخمسين ربما أصبحت تلك الحالة من التباهي المتمارض عند المبدعين وأشباه المبدعين والكسل الخفي الذي يظهر في تماثل الطبعة الأولى والتي يليها من الطبعات يدعو إلى الركود والموت البطيء في الحركة النقدية وما جاء به كاتبنا السيد حافظ يختلف تماماً عما هو سائد في التاريخ الأدبي في العصر الحديث.. فهو يمثل ثورة على النص الأدبي بصورة عامة ويفتح أبواب التجديد والاجتهاد للبحث عن مصطلحات جديدة تليق وتوصف الحالة الإبداعية الجديدة في السرد الروائي عند السيد حافظ مما يتطلب إعادة تشكيل الحالة الإبداعية بدءاً من المؤلف حتى الناقد والباحث المتخصص (طلاب الدراسات العليا) علماً أن بعض المبدعين من الأدباء يصرحون بأن رأي النقد لا يهمهم كثيراً فهؤلاء يعانون من فوبيا النقد بينما كاتبنا السيد حافظ يرى عكس ذلك إذ غالباً ما يشجع النقاد وخاصة الشباب المبدعين يجد فيهم الروح المتجددة فالناقد المعاصر هو القارئ المثالي للكاتب السيد حافظ والمرجع المعرفي والفكري والمنهج الذي يجمل البناء السردي خاصة إذا كانت تحليلاته منهجية سليمة ملاحقة للإبداع وليس ملتحقة متلاصقة بالكاتب.. لكن للأسف هناك من يصاب بداء ( الأنا ) في النقد على الرغم من تصريحاتهم بأن النقد يرفد مقومات جمالية للسرد الروائي لقد جرت العادة كما سبقت الإشارة له إلى أن مصاحبات النص السردي سواء كانت رواية أو أي جنس أدبي آخر كثيرة إلا أن ما يركز عليه النقاد أو القارئ العابر العتبات (المقدمة، العنوان ، وأحيانا التقديم من اسم كبير له عنوان مجتمعي بين الوسط الثقافي كشهادة لهذا العمل، وأخيراً الخاتمة أو النهاية) .

غالبا ما رأينا هذا في نصوص كاتبنا السيد حافظ عند قرائتنا نصوصه يضع بين يدينا مفاتيح ومداخل للقراءة النقدية حتى قبل أن نشرع بقراءة الرواية من خلال العنوان أو الصورة التي أختيرت على الغلاف فهذا المفتاح سيساعدنا على اكتشاف النص أو قراءته والتعامل معه وستنير هذه القراءة لنا علامات أخرى أذ أنها تعتبر كتقديم صغير للقارئ والناقد المتمرس أكاديمياً ..ففي الطبعة الأولى من رواية ( كابتشينو ) كتب اسم الكاتب باللون الأحمر المظلل باللون الأبيض وحسب علم الجمال في الألوان اللون الأحمر له دلالات ( فالألوان عالم السحر والجمال فبلا ألوان يبدو العالم باهتاً خالياً من الحيوية .. هل سألنا أنفسنا لماذا نستخدم الألوان؟ لماذا الكاتب الفلاني يفضل هذا اللون ؟ لماذا ننجذب إلى هذا الغلاف دون غيره؟ وهناك الكثير الكثير من الأسئلة التي تجول في خاطري .لكن أجد إجابة واحدة فقط تسيطر علي ألا هي أن الألوان كأئنات لها حيويتها كباقي الأشياء في الكون مثل الألحان والألوان معنا في حياتنا كزرقة السماء والبحر وخضرة الأشجار والأعشاب والنباتات، وأن الله خلقها منذ أن خلق السموات والارض لحكمة ربانية فلكل لون موجة معينة وكل موجة لها تأثيرها على خلايا الانسان فالكاتب الحاذق الملم بعلم الجمال والفلسفة والأدب والذائقة الأدبية الفنية يعي هذا فيستخدمه لجذب القارئ وترميزه لحدث ما من خلال هذه الاستخدامات لتكون مؤثراً مباشراً على نفسية القارئ والناقد والكاتب معاً فاللون الأحمر هنا استخدمه الكاتب؛ لأنه لون الحب والإحساس والكاتب يسرد لنا قصة عشقه للوطن وإلى حبيبته وحروفه السردية وكتبت اسم الرواية بالأخضر؛ ليؤكد لنا الكاتب أنها رواية خصبة بالإبداع، مؤكدا لنا أن الألوان جزء من العنوان؛ لانه يؤثر في أعماق نفس القارئ ..هكذا هي الألوان عند الكاتب السيد حافظ كتب اسم ( كابتشينو ) بالأبيض؛ ليقول للقارئ أهدأ أنت بأمان أمام نص خصب ثري بالإبداع الأدبي والفني وقاموس من المعلومات كسيرة ذاتية ومعلومات تأريخية في غور أعماق التاريخ واقترنت هذه الألوان في لون الغلاف الذي كان الغالب هو لون الحزن ( الأسود ) الذي يظنه الكل بينما ترتدي الأسود جميلات النساء في الحفلات والسهرات …أما في الطبعة الثانية من رواية (كابتشينو ) أصبح لون اسم الكاتب السيد حافظ ( الأبيض ) ليقول لنا أرجوكم أنا مطمئن وفي أمان أن الرواية سوف تعجبكم بعد أن تم تنقيحها وكرر اللون الأبيض على اسم الرواية ولون الوجه للفتاة التي اختارها الكاتب ممزوجاً باللون الكريمي؛ ليظهر ملامح ذالك الوجه الحالم والعينين المغمضتين عن الحقيقة الواقعية فتحلم بالزهور والخيال الوردي ..بعد الغلاف نبدأ بالصفحة التالية بعد الغلاف قد يظن الكثيرون أنها تحمل العنوان نعم نعم أنها تحمل اسم الكاتب السيد حافظ واسم الرواية ( كابتشينو ) وكلمة رابعة وهي ( رواية ) في الطبعة الثانية الصفحة التي بعد الغلاف أيضا كتب فيها ( اسم الكاتب ، كابتشينو ، رواية ، الطبعة الثانية . الرؤية الثانية مزيدة ومنقحة ) علماً أن في الطبعة الأولى الصفحة التي تلي الغلاف بيضاء أي فارغة من أي كتابة وقد تشتمل هذه الصفحة على فضاء قرائي وهذا قلما يستخدمه الكتاب .. وحين هذه الصفحة في الطبعة الثانية من رواية ( كابتشينو ) متناً قرائياً وتلتها صفحة كتب فيها اسم الدار الناشر وسنة النشر والبلد ومعلومات عن الكاتب رقم الهاتف والايميل وغالبا ما تأتي الصفحة الثالثة فارغة بيضاء لكن في الطبعتين اختلف الإهداء من عام إلى خاص ومن خاص إلى عام على سبيل المثال لا الحصر (( الطبعة الأولى )) إهداء خاص إلى الشهيد الشيخ عماد عفت وصلاح ومينا دانيال من شهداء ثورة 25 يناير العظمى …. ثم إهداء آخر ( إهداء إلى حفيدي محمد وتامري…أبناء ابنتي غيداء وإسلام قطرات ندى في صحراء الحب المصرية ….في الطبعة الثانية لتلك الرواية يوجه الكاتب شكراً إلى رفاقه ( سمير عابدين ، جمال سالم ، البيلي أحمد حسين ) ثم يكتب الإهداء الخاص إلى الشهداء وإهداء آخر في صفحة أخرى إلى الروح الأولى والأخيرة يراه  أخي كنز من ربي ( عادل حافظ ) مؤكدا روحه النقية التقية ذهبت إلى ربه فكما يخبرنا عن تهامسهما وتناقشهما فزرعا سويا روح الصدق وجنيا أفراح وأطراح فهو الضوء الذي أضاء العتمة فكان يأخذه من الوحده ويهرب به إلى الأفكار والضحكات وكان ملاذه وبلسم لجروح الوطن والعشق وأخيرا يؤكد لنا الكاتب كل هذا الحب والوفاء إلى أخيه؛ لأنه ليس ككل الرجال أنه الحب والوفاء ….

أما في الطبعة الأولى أكد لنا الكاتب السيد حافظ بقوله (( لست مؤهلاً إلا لكتابة شئ عن نفسي إنني أؤمن بأن روحي ستنتقل في جسد آخر في زمن آخر ومكان يقدرها ويمسح الله بيده عليها.. إنه يعلم أنها تواقة للجمال المطلق في كل شئ .. إنه يعلم ما شاهدته في مصر والوطن العربي من عذابات . إن روحي تعذبت من الغباء والقبح وغياب الضياء والبهاء .. وغياب الانبياء … رغم العذابات وجمال الأرواح التي حلت في حياة الكاتب السيد حافظ فهو لن ينسى من أضاءت حياته بالنور والحب رفيقة العذابات والمسرات زوجته مرفت وكذلك رغم الحب يعتذر من أولاده ورفاقه ويطلب منهم السماح بكشفه حواراتهم للقارئ فيقول: في ص 8 (أنا رجل فتان على الورق لم أقصد الإساءة إلى أحد سامحوني) كذلك شكر الكاتب كل من قدم التعاون بطريقته الخاصة وذكر الكاتب منهم (الكاتبة والناقدة دينا نبيل ، والناقدة ابتسام سعيد ، والشاعرة أمل محمود ، والناقد الشاعر فهمي إبراهيم ، والكاتب بهيج إسماعيل ، والناقد الدكتور مدحت الجيار ، والشاعرة إيلينا مدن) ولم ينسى من وقفت معه أثناء أزمة مرض زوجته_ رحمها الله_فيقول الكاتب السيد حافظ : إهداء أخير( السيدة الرائعة التي وقفت معي لحظات حرجة أثناء أزمة مرض زوجتي هنا يدعوننا السيد حافظ بالبحث في جوجل عن مأساة السيد حافظ .

حين يتخلى عنك الأهل والوطن يبعث لك الله أشخاصا قد لاتعرفهم شكلاً ولا اسماً لكن تتمازج معهم روحاً فكثير من الأرواح تتجاذب وهكذا هي الرائعة نازك إبراهيم الجوهري الإنسانة الراقية إنسانياً …رواية كابتشينو الطبعة الأولى عدد صفحاتها ( 401 )صفحة أما رواية كابتشينو الطبعة الثانية بلغت( 581 ) صفحة فهل لنا أن نسأل الكاتب كيف هي النسخة المنقحة وقد ازدادت عدد صفحاتها ( 180 ) صفحة؟ يذكر السيد حافظ في أحد محاضراته في أتيله القاهرة أن التنقيح في الطبعة الثانية أو الثالثة يعني إضافة أو حذف أو ترتيب أو الثلاث معاً.

وتبدأ الحكاية بتلك التي خطفت خيال الكاتب وتخيلها امرأة جميلة ذات خمار وسحر وحوار تنتظره في مخدع من حرير وتقف من بعيد الوصيفات من حوريات جميلات ، ويقوم من النوم ويتجه يبحث عنها، تلك هي شهرزاد بطلة الحكاء للحكايات السبع وحكاية هذا الجزء (رواية كابتشينو ) هي الروح الثالثة ، نور ومحب وموسى ..الكاتب السيد حافظ يستمد أفكار نصوصه الروائية من الواقع ممزوجة بعناصر مشوقة ومناورات عشق خارج التقيدات الاجتماعية والعرف والتقاليد التي اعتدنا عليها وتمكن الكاتب من تطويع تقنياته السردية في بناء النص الإبداعي مضيفاً للنص طابع ملحمي وتقنيات مابعد الحداثة وامتداد السرد للحديث والحكي وكتابة المسرح والشعر داخل الرواية مما ضاعف من طاقة الجمال التفاصيل الدقيقة المذكورة والمدونه في الهوامش كسيرة ذاتية للكاتب وأحداث مكتوبة كمدونة.

هذه التفاصيل والعناوين في بداية كل فصل تعتبر فن من الفنون التقنية الإبداعية مثلها مثل فن الحذف لكن بشرط دون الإسراف في الإضافة أو الحذف أي أن يكون النص متوازناً فنجد الكاتب السيد حافظ يطرز عمله بالشخصيات وتنوعها من حيث الفئات العمرية والعملية والطبقية والعقائدية أي هناك صفة مطاطية في الشخصيات تتناسب أدوارها مع الحكاية، فالكاتب غالباً ما يفاجئ المتلقي بالتركيز على شخصية أو أكثر أحياناً في فصل ما دون ذكرها في فصل آخر حتى الفصول الأخيرة تظهر تلك الشخصية لعل هذا الذي ميز الكاتب السيد حافظ، فهو أكثر دراية بوظيفة كل شخصية في روايته؛ لأنه سبق وأن عقد حفلة تعارف مع تلك الشخصيات وقسم الأدوار ورسم شجرة حياة السرد للرواية من حيث الشخصيات والأحداث والفواصل والهوامش العناوين التي تتماشى مع أحداث الرواية ففي استطاعة أي كاتب سواء كان محترفاً أو هاوياً أو مبدعاً أو قارئاً أو ناقداً أو دارساً التعامل مع النص وإخراجه وفهمه في حدود إمكانياته وأدواته الإبداعية لكن بشرط دون أن يضيع جوهر النص وفكرته وحبكته الدرامية والتقنية البنائية؛ لأن النص السردي مثل اللوحة التي رسمها الفنان بفكره وإيحائاته ولكن قد يلجأ البعض لتغير معالم هذه اللوحة لتتناسب وتتجاوب مع رغبات المتفرج أو المقتني لهذه اللوحة من حيث البيئة والمعالم المحيطة بنا كذلك النص ممكن الاستغناء عن الكثير من الأحداث إذا اقتضى الحال وممكن كذلك التكثيف والإضافة والتركيز على بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبشرية وما يتعلق بالعنصرية للعرق والدين والمذهب واللغة فهذا دليل على تنامي الوعي الإبداعي والفكر الثقافي في الكتابة مما يضيف للكاتب معاني سامية تتكررعلى لسان القارئ والناقد الواعي المفكر أيضاً فنجد النص السردي في ( رواية كابشينو ) قد يسأل الورق ويقول: هل من مزيد ؟ هل من جديد؟ وهذه الأسئلة تحتمل أجوبة وأحياناً صمت وغالباً معاني عميقة مستوحية الصور من خلال الخطاب السردي أو من خلال المسرحية أو القصة أو لقطة ما في هامش من الهوامش أو شخصية ما من الشخصيات أو بعض من أبيات الشعر لشاعر ما كتب عنه الكاتب السيد حافظ في هذه الرواية بذلك يكون الكاتب وضح لنا الأجوبة لتلك الأسئلة التي تدور في عقول المفكرين والباحثين والنقاد فكل منهم يدلو دلوه ففي الطبعة الأولى من ( رواية كابشينو ) (ص7 ) يقول الكاتب (ولي في عشقك وطن) فتحي خليل رضوان …في الهامش الجواب (الاعتذار والتنويه على ما تم حذفه ويذكر الكاتب السبب فيقول: حذفت 165 صفحة أظن أنها كانت عبئاً على روح النص والرواية ..عبئاً على روح القارئ لذلك لزم الحذف.. في (ص 8) من ( رواية كابشينو) الطبعة الثانية نجد الكاتب أضاف دراسات كتبت حول هذه الرواية وكتب عناوين تلك الدراسات وأسماء الباحثين والنقاد وهذه لاتوجد في روايات سبقت تجربة الكاتب السيد حافظ . وأحياناً معلوماتية كما جاء في (ص 13) الطبعة الثانية (المتى : هو مشروب مشهورفي أمريكا اللاتينية وسوريا من مجموعة من الأعشاب.

كذلك يتوسع في إخبارنا أن سبب شهرة هذا المشروب؛ لأن جيفارا والحاكم بأمر الله كانا  يشربناه، ومن هنا عرفنا أن هذا المشروب مثل القهوة والنسكافية والشاي الأخضر وشاي الياسمين وثم كابشينو.. فشهرزاد تضع المتى والقهوة على ركوة النار وتجلس فوق جلد الماعز.. ويمر الرجال والنساء  ورعاة الأغنام على التل بينما شهرزاد جالسة أمام الدار تشرب القهوة وترد السلام وهي سيدة الوجع والخبيرة بوجع النساء والرجال من هنا أصبحت شهرزاد رمز الحكاء وكنز الحكايات والأسرار، شهرزاد كالوطن العقيم المتلبس بجلباب الحزن على حاضره ويزري ماضيه وينتعش بمستقبله الورع، فشهرزاد تحيا وتعيش وهي تزداد جمالاً ومكانه وتكثر الحكايات كألف ليلة وليلة مع طول الأيام وعرضها وعمقها التي استمرت عشراً من السنوات تعيش معه في تجربة الكاتب السيد حافظ التي قرأنا فيها ماهو كائن وما هو ممكن قرأنا الحاضر والغائب والموجود والتوقع فيقول:

( تذكرت وأنا في الاستحمام تحت الدش ذكرياتي مع أنثى استثنائية وعلى شعرها حناء ..كتبت بعد الحمام في حائط الفيس بوك .. ما أجمل الحناء في شعر النساء .. رائحة الحناء تخلب خيال الرجال وخيالي خاصة .. تفاصيل الحب كثيرة وقليلها يعيش داخلنا إلى الأبد..

(رواية كابشينو) نسجت حروفاً سردها بلغة حيوية لها ذاكرتين الأولى العشق بكل أنواعه والثانية مفتوحة على التاريخ بكل عصوره ونظرة وعي تستبصر إلى فضاءات القدر الخفي والقدر الذي تحدث به الكاتب والصمت الذي طالما لازمه ..هنا رواية كابشينو تعد نموذجا متفرداً في كتابة النص الروائي المركز والمحلى بالمسرح فلم يقتصر الكاتب السيد حافظ على السرد وإنما تعدى ذلك إلى الشعر والمسرح والسير الذاتية لشخصيات همشها الوسط الثقافي والضمير الجمعي للمثقفين .. السؤال هنا: هل يدرك الكاتب السيد حافظ ما يكتب إذا ما قارننا بما يكتب في الساحة الأدبية والثقافية من كتابات وإصدارات غريبة نجد هناك فرقاً كبيراً يحثنا على القراءة أو يستفزنا لدخول عالمهم هنا بقى لدينا أمر ما هو الكاتب السيد حافظ يكتب لمن؟ ومن الذي قرأ ماكتب السيد حافظ ؟

إن قليل من المقارنة بين هذا النص وذاك النص نجد فوارق قد حاملت مضمون فكري أو قد يكون نمطي أو قد ينطوي على رغبة القارئ الذي يرغب في إقتناء هذا النوع من السرد فعند القراءة إلى نصوص الكاتب السيد حافظ تجد نفسك في رياض من جنان المشاعر والتنهيدات وحين تغمض عينيك تجد نفسك في غياهب أغوار التاريخ مفجوعاً من الزيف الذي تلقيته مدى سني الدراسة وحين تصحو تجد نفسك أمام قوافي وديوان من الشعراء وحين تستشعر قلبك تقرأ قصة عشق نور ومحب موسى، فأنت أمام تناص وأنت المرشح الاول بعد الكاتب السيد حافظ المؤلف في العشق .. فيقول:

فتحت الباب .. فتحت باب روحي وعطرها يلفحني، مساؤك لي أيتها المهرة البرية المتمردة . تعالي إلى حضني أضمك أنثرك دفئاً للكلمات وبخوراً للمصلين في محراب العشق أنت دخلت باب الملكات في قصر عشقي فتعالي وتطهري.. فلك الاختيار المعبر أو الاختيار المعروض عليك بينما الكاتب السيد حافظ قد حزم وجزم العنوان على غلاف الرواية.. لذا مهما كتبنا كلها تخمينات يبقى الكاتب هو الأول والأخير والوحيد الذي يعي بمضمون نصه السردي ( فأهل مكة أدرى بشعابها ) فقط هناك احتمال قد يكون باحث ما تربطه علاقة بالكاتب أو ناقد يمتلك فكر ووعي يفوق الكاتب فكراً ووعياً وتبقى هذه مجرد تخمينات فنحن أمام رواية تعريفية لبصمة الكاتب السيد حافظ التي أعتدنا وعودنا على التمرد والتجديد والإبداع الذي مابعده ولا قبله هذا الكلام يحيلني إلى أن أذهب إلى الهامش في (ص 207 ) الطبعة الأولى حيث كتب ويده اليمنى تصافح يده اليسرى وتشكره أنه حقق شيئاً من الجمال فكتب .. سحقاً لك لم تحددي موعداً لفنجان القهوة معي بعد .. اليوم من الساعة 9 صباحاً حتى الثانية والنصف بعد الظهر قمت بالإشراف على تغيير  رصيف مدخل العمارة التي أسكن فيها وشراء سيراميك .. وجلست أمام العمال في الشارع حتى أنهوا عملهم ..بما أني مسوؤل اتحاد ملاك .. والملاك كسالى لا يرون قبح الرصيف ..تحول الشكل إلى شكل مبهج بعد مرور السنيين أصحاب ثلاث عمارات غاروا وسألوني اسم المقاول الذي كان معي. تحول مدخل العمارة إلى شكل أجمل.. الغريب أن ولا ساكن من الـ ( 18 ) ساكن سألني بتعمل أيه أو قال شكراً ..فقلت لنفسي شكراً؛ لأني حققت بعض الجمال في مدخل السكن؛ ليكون جميلاً وأمسكت يدي اليمنى وصافحت اليسرى …هكذا هو النص السردي عند الكاتب السيد حافظ أنه في مخاض مستمر بالفكر والتجديد والتطوير فهو عند كتابته للرواية كأنه يلد مولوداً..فيتهيأ لولادة هذا المولود من حيث (الاسم ، واللبس، التغذية والمحافظة عليه، ورسم مستقبله) بالرغم من كل ما نقدمه للنص فهو واجب يليق بالنص السردي من حيث المكان والزمان والبناء والتقنيات والعلاقة التي تربط القارئ بالقراءة بمملكة السرد للسباعية الحافظية من حيث وقعها في نفسية الكاتب الذي يتأمل بسعة صدر بالتدقيق في أسماء من الذي يقرأ هم من ينتابهم حنين إلى مداعبة الحروف الجميلة فيعشقونها .. سيجن الرجال بك يا عشيقة القمر!! سيجن بك البشر والجبل والزرع.

حتى اسألي عصفورك العاشق سيحكي لك أنه ليس عصفوراً بل قلباً بشرياً أو قلوب رجال مفتونه بك يا سهر، حتى الشجر يحبك يا حبيبة القمر استمال الكاتب السيد حافظ رغبته من المسرح إلى الرواية لا ليرسم أبعاد شخصياتها ورؤوس أحداثها ولكن ليقدم لنا نصا سرديا مستحدث بالتقنيات الإبداعية الحداثية وليس الرواية المستعارة التي تستعار عباراتها النصية من نصوص غربية أو نصوص أخرى فهذه الرواية في تقديري وتقدير النقاد وكل من قرأها أكد أنها رواية بحق تعد نقلة صورية جمالية جملةً وتفصيلاً ابتداءاً من العتبات والمقدمة والإهداء وإلى الشخصيات ومواقفها والسيرة الذاتية والطابع القوي والضعيف والشديد اللهجة أحياناً وحيناً آخر نلاحظ الكاتب اتجه إلى الحمية والحماسة فإن الرواية بصراحة تحمل صفة تحويلية وفي تجديد مستمر؛ ليواجه العصر ومشاكله فليس هناك استعارة بل كل أحداثها واقعية تعالج الواقع المجتمعي هذه نماذج مما نسجها الكاتب لنا في كابشينو كما تم تجانس المواد التي صنع منها كابشينو ( ص85 الطبعة الثانية ) ( الفصل 9 ) حين أفكر في النساء أشتهيك أنت …( الوطن معنى في الروح وإذا أصبح واقعاً فإني برئ منه . ولكن كل أحلامي مؤجلة ليس بيدي أن أحققها، لم يسعفني الحظ العظيم، بعضها هاجر أو سافر أو انقرض أو اختفى أو كمد حزناً ومات آه أحلامي يا أحلامي وينقلنا الكاتب إلى هامش ( ص 85 ) ظهرت نتيجة جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية ..اللجنة العليا لجوائزالدولة التقديرية والتشجيعية رفضت أن تمنحني أي جائزة .

ومن قبل رفضت أن تعطيها لنجيب سرور ومحمود دياب.. هي دي مصر العبيطة يا حبيبتي … في ( ص85 الطبعة الأولى ) ففي الهامش يوضح لنا الكاتب كيف تسير الأوراق في دوائر الدولة فيقول : (عن البواب أن المستشار الذي يسكن في البيت الواقع أمامي أخذه أصحاب الأرض التي على ناصية الشارع شريكاً معهم حتى يتم تخليص الأوراق من الحي والتصريح بعمارة 21 دوراً وقال الباشا طيب ومحترم وعربيته بنص مليون .. الدولة بخير بخير ..في المساء جلست على المقهى ..الذي يسكن على ناصية الشارع يجلس مع بعض المقاولين أخذوه شريكاً ليخلص لهم أوراق العمارات الجديدة .. قام القاضي وصافحني بحرارة لأني صحفي.. كنت أجلس مع معتز العجمي الناقد والمذيع على المقهى وحدثنا الشاعر محمد ثعلب.. قال أجي أشوفك يا أستاذ.. قلت تعال.. جاء إلى المقهى وأحضر علبة بها خمس قطع جاتوه..)

كذلك أستشهد الكاتب بالمتنبي في ( ص109 الطبعة الاولى ) بمقال عن الخيول فيقول : “الليل والخيل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم…”

فيمتطي كاتبنا حصانه الإبداعي ويتجول بين خيول ريم إسكندراني فيقول: ” الخيول في عيون فنانات العرب .. ومن لا يعرف خيل ريم إسكندراني.. أنها اختارت الحصان لترسمه في لوحة خرجت من الأساطير بقرن واحد متميز، أو من الحلم أو من لحظة الوسن، أو الفجر، وهذا الحصان يحمل فارسة أسطورية .. فارسة حلم أتت من ضباب الأحلام والأساطير..”

هنا أكد لنا الكاتب أنه ليس كاتباً فقط وإنما ناقداً تشكيلياً للوحة فنية لفنانة تشكيلية الفنانة هي ريم إسكندراني وهي الرسامة السعودية التي شاركت في المعرض السادس ويؤرخ الكاتب الحدث مثلما كان يؤرخ أجدادنا الأوائل في لحظة انفلات من القيود والسجن والعادات والحكم على المرأة بالاختناق وتقييد انطلاقها الفكري … هنا الكاتب ليس فقط يؤطر اللوحة بنقد فني جمالي وتأريخي وإنما سعى إلى مناصرة المرأة وإطلاق حريتها الفكرية والفنية من خلال حصان ريم إسكندراني ….

أما ( ص 175 من الطبعة الثانية ) الصفحة كتبت بعنوان ( الخيول في عيون فنانات العرب ) وهي الفنانه التشكلية ( ميسون الصادق ) وهي فنانة سعودية تتعامل مع الفرس كأنه حالة تفرد خاصة ..إن الفرس في لوحة ميسون في حالة حرية ..إنها الفرس جميلة سيدة اللوحة تلك الفرس في حالة عرس وفرح وسراجها أبيض والفرس البيضاء كأنها تنتظر العريس .. إن أرجل الفرس غير واضحة جميلة جداً يذكر الكاتب هنا القياس للوحة والمادة الخام وتدرج الألوان كل هذة الصور التقطها الكاتب في نسج خيالات واستراتيجة تقنياته السردية مما أضفى جمالية على الدراما السردية وأبدع في الوصف الجمالي إلى لوحة الفنانة التشكيلية ميسون الصادق .. وتمر الحروف ونقلب الصفحات.

وفي صفحة ( 286 الطبعة الثانية ) أمضى الكاتب السيد حافظ في كتابة هذه الرواية خاصة الهوامش كتب يقول: ماأعجبني..قابلتني ممثلة معروفة أمس في مبنى التلفزيون ..سألتني أنت مابتكلمنيش ليه ؟ قلت نمرتك ضاعت .. قالت أكتب نمرتي في موبايلك .. قلت لها موبايلي أرخص موبايل في العالم بسبب إنهم سرقوا موبايل ب 4آلاف جنيه جابه محمد ابني من دبي ، أهداني موبايل بألفين درهم ..أتسرق مني في مصر ..المصريين سرقوني.. وكان على الموبايلين4000 الاف رقم لأصحابي من المحيط إلى الخليج ..قالت فاكتب رقمي في ورقة ..كتبته.. قالت أحتفظ بيه ..أخذت الرقم منها ووضعته في جيب القميص ..والآن وأنا بغسل قميصي أكتشفت أن القميص غسل وبه الرقم ..ضحكت كثيراً فأنا منذ عام أضع أرقام هواتف النساء في جيب قميصي وأنسى نقلها ودائماً دائماً تضيع في الغسالة ..هل موتور الغسالة يلتهم أرقام النساء ..) هكذا هو الكاتب السيد حافظ يحول الهامش إلى حقيقة والحقيقة إلى واقع فهل الأرقام تاهت في دوران ماتور الغسالة أم النساء هن تائهات في عالم الوجود واللاوجود على حائط الفيس بوك وأزرار الانترنيت الذي يشبه ماتور الغسالة ؟ …. الكاتب السيد حافظ لن ينسى مصر وما أدراك ما مصر فيقول في ( ص262 في الطبعة الأولى من رواية كابتشينو ) من ثلاثة أعوام قامت كاتبة مصرية رائعة بدعوتي إلى قطر للبحث عن وظيفة.. الكاتبة الرائعة والإنسانة الراقية سعدية عبد الحليم ..تلك المرأة المعجونة بأحاسيس طفولية نادرة وقلب مفتوح للعالم ..وعندما تقرأ أدب سعدية عبد الحليم تكتشف إنسانية عالمية غير عادية … يا ترى من سرق عمر الكاتب السيد حافظ ؟ وفي أي شارع من شوارع مصر ضاع حبله السري ؟ من ! ومن ! وأين ؟

كل التساؤلات يرد عليها الكاتب في الهامش (ص 267 الطبعة الأولى من رواية كابشينو ) فيقول : يطاردني سؤال في الشوارع وأنا أسير : من سرق عمري مني ؟ من سرق أحلامي ؟ من سرق الفرح مني؟ من سرق الحياة؟ فأتصلت بأبني محمد .. محمد يملك أحلاماً كبيرة وقلبه طيب يحتوي العالم ..هو نبضة مني ..أدعو له الله ..سألني عن رأيي في حفيدتي ابنته قلت له أحبها كثيراً أكثر منه ..ضحك، وضحكنا ..الأسرة معنى جميل …وهنا يسدل الكاتب الستار ويعلن أن الأسرة هي الحياة ..الكتابة والمرأة وجهان من أوجه الحياة هكذا هو الكاتب المشاكس المتمرد مهما تمرد تبقى الأسرة هي نواة الأمان للحياة ..ذهل المصريون ودهشوا لمقتل الإله فرعون وتيقنوا من هلاكه ، لكنهم لم يؤمنوا بالله مثل السحرة ولم يؤمنوا بالله مثل موسى وهارون . وانتظروا حتى يأتيهم أمر فرعوني ملكي بأن يكفروا بألوهية فرعون ويؤمنوا برب موسى وهارون . ولكن أن يأتيهم الأمر وقد هلك فرعون ففي ( ص399 الطبعة الأولى )انتهت حكاية الروح الثانية روح نور بعد أن بكت طويلاً ومرضت وشفيت وبعد سنوات تزوجت من شاب يعمل طبيباً اسمه دانيال تعلم الطب في مصر وذاع صيته لكن في القلب قصة حب غرقت مع فرعون وهنا أدركت شهرزاد بكاء سهر شهرزاد سيدة الحكايات والأسرار والكاتب السيد حافظ ينتظر .. و ينتظر .. و ينتظر .. و يقول لحروف روايته ألم تتذكري أم أنني نسيتك في أرفف الانتظار فتركت في كل صفحة من صفحاتك أنثى عرفتها ..لفته ..تنهيدة ..رائحة الحناء .. إيماءة وتظل في دمي حروفك دون أن أدري أقرأ صفحاتك وأستعيد ذكرياتي وجراحي فلا تغيب من ذاكرتي الذكريات الجميلة والأفعال القبيحة وهنا شهرزاد سمعت شهيق سهر بالبكاء ودموعها تنفرط وتغرق كتف شهرزاد وتغرق الروح بالوجع وهنا تستوقف شهرزاد الحكي وتقول توته … توتة فرغت الحدوته. في الطبعة الأولى ..

أما في الطبعة الثانية تنتهي علاقة نور بمحب في أثناء غرقه في البحر مع فرعون وينقلنا الكاتب السيد حافظ إلى عالم المسرح حيث تمتزج الرواية بالمسرح لنرى ماذا حدث في مصر ليلة اختفاء فرعون فنرى أمامنا الستار تفتح على عرش فرعون والزمان وقت العصر ليلة خروج ورحيل اليهود من مصر تجلس ملكة و تقف أمام الملكة يوكابد أم موسى وفي حوار شيق متماسك البناء بين المرأتين أم موسى الحقيقية والملكة التي تعتبر أم موسى بالتبني والحوار بين ( ألامان ) من ربت ومن ولدت حول حقيقة الإيمان بالرسالة ( موسى وهارون ) ونكران فرعون لرسالة موسى مع إيضاح موقف زوجة فرعون بتصديقها لرسالة موسى وخوفها على موسى من فرعون واقتناعها في نهاية السجال مع شقيقة موسى وابنته وزوجته بالخروج مع موسى وقومه والهروب من فرعون والخروج من منطقة الإلحاد إلى منطقة الإيمان أي الخروج من الظلام إلى النور وهذه اللحظة مايطلق عليها في الدراما تطهر الشخصية..

وختاماً

هل كانت المسرحية ضرورة فنية في نسيج العمل الروائي ؟

الإجابة .. نعم؛ لأن النص الروائي عند السيد حافظ فضاء مفتوح يحتوي كل الأجناس الفنية والأدبية المقروئة

 والمسموعة والمرئية فليس بينهم أي حجاب أو حاجز كل الأجناس في لحظة امتزاج حافظي تخضع لقانون النص الأدبي نفسه ببصمته شكلاً ومضموناً ولا تخضع على كل تجاربه السردية فكلها فضاءات مفتوحة فهي جزر ومدن وقارات وغابات لم يمسسها مبدع من قبله فهو يغامر في كل نص سردي بإضافة جنس أدبي أو نقص جنس أدبي آخر أو إضافة فن من الفنون أو إخفاء أحد الفنون وأحياناً كلها فيصبح البناء أهرامات مستقلة منفصلة متصلة مختلفة متشابهة متشابكة متنافرة متجانسة متفردة ذلك هو المدخل و مفتاح صندوق إبداع السيد حافظ السردي فلا تحمل على أكتافك نظريات نقدية سابقة بل تحاول وأنت تقرأ أن تكون مبدعاً متوازياً في الإبداع النقدي مع الكاتب فكل عمل أدبي سردي للسيد حافظ يجب أن يناقش ويحلل ويفسر بوجهة نظر مختلفة بإختلاف نصوصه الأدبية السردية السابقة ..إن أعمال السيد حافظ السردية هي دعوة مفتوحة إلى النقاد والباحثين والدارسين إلى خلق نظريات نقدية جديدة ..وفتح أبواب التجريب على مستوى النقد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى