الهوية في زمن البث المباشر

موسي محمد دبيش | اليمن

لكل بلد ثقافته وموروثه ولكن العجيب والذي يثير كثيرا من التساؤلات هو لماذا أصبحت مجتمعاتنا تضجر من ذلك الموروث؟ -وأقصد بمجتمعاتنا تلك المجتمعات البسيطة وخاصة الريفية- التي كانت تعج بالعادات والتقاليد التي توارثها الآباء عن الأجداد أصبح ذلك الموروث مدعاة للضجر والبدائية حسب نظرتهم والسبب واضح وجلي وهو الغزو الفكري والثقافي الذي دخل الى كل منزل واستطاع أن يسخر من ثقافتنا الدينية والاجتماعية ويضرب بها عرض الحائط وهذا الغزو يتمثل في استقبال كل الثقافات الخارجية عن طريق جهاز الدش أو الستلايت أو الرسيفر أو تحت أي مسمى واستطاع ذلك الغزو أن يجعل من ثقافتنا وموروثنا الاجتماعي في نظر تلك المجتمعات البسيطة أنها ثقافة قديمة متخلفة بدائية واصبح من بقي متمسكا بها يقال له: (أنت عادك من حق زمان) يخبرني احد الأخوة ممن زاروا الصين أن كل قنوات التلفزة تبث برامج صينية بحتة وإذا أراد الشخص أي قناة خارجية عليه أن يقدم طلب لوزارة الإعلام لتتم الموافقة ويقوم بدفع رسوم لفتح تلك القناة حفاظا على هويتهم وثقافتهم وهم من يقومون بصنع تلك الأجهزة أما مجتمعاتنا فهي تستقبل بث مئات القنوات على اختلاف ثقافاتها وتتأثر بتلك الثقافات سلبا فتجعل من بعض تلك الثقافات بديلة لثقافات مجتمعهم ظنا منهم أن ذلك من الحضارة بمكان كانت مجتمعاتنا البسيطة تحمل كل معاني الأخوة والمحبة والألفة والتعاون وكأن ذلك المجتمع أسرة واحدة في السراء والذراء وبدأت الفرقة والانعزالية تدب في أوساطنا الاجتماعية وذلك بسبب تخلينا عن موروثنا الذي استبدلناه بثقافات دخيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى