الثقافة والتثقيف الإيجابي الوقائي.. الدواء لجميع الأدواء

بقلم: عماد خالد رحمة | برلين
تعتبر الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل هي الدواء لجميع الأدواء والعلل التي تعاني منها المجتمعات، وهي الأجدر على امتلاك القدرة على توصيف أي نشاط إنساني في حياتنا العامة، لأنها تمدنا بالترياق المضاد لكل أشكل العنف والشرور والظلم والقهر الإنساني، فالتثقيف ليس مجرد تعبيرعن تساؤلات وهواجس تدور في عقول ومشاعر الناس، بل لأنها تساهم في تغييرهم بحيث تخرجهم من كهوف الجهل والتخلف وحياة ما قبل الدولة،وما قبل المنجزات الإنسانية الحضارية إلى دائرة التنوير والبناء الإنساني والحضاري.ولأنَّ الثقافة تعبير عن سلوك اجتماعي ومعيار متواجد في المجتمعات البشرية، تعتبر مفهوماً مركزياً في الأنثروبولوجيا،وتشمل نطاق الظواهر الخارجية التي تنتقل من خلال التربية والتعليم الاجتماعي في المجتمعات البشرية.

     بعض جوانب السلوك الإنساني،والممارسات الاجتماعية مثل الثقافة،والأشكال التعبيرية مثل الموسقى والفن وممارسة الطقوس الدينية والاجتماعية، والرقص والتقنيات مثل استخدام العديد من الأدوات التي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية .وهي بتعبير العديد من الفلاسفة والمفكرين أنها بمثابة الثقافة المادية التي تغطي التعبيرات المادية للثقافة بشكلٍ عام مثل الهندسة المعمارية والفن والتكنولوجيا،في حين أنّ العديد من الجوانب غير المادية للثقافة مثل مبادئ التنظيم الاجتماعي والسياسي،وممارسات المنظمات السياسية والعديد من المؤسسات التي تستخدم في طرائق بثها ونشرها الفلسفة والأساطير والأدب عبر مؤسسات اجتماعية المكتوب منها والشفوي على حد سواء .والعلم يتكوّن في الأساس من التراث غير المادي للمجتمع الذي نعيش فيه.
فقد بات واضحاً بشكلٍ جلي أنَّ من‮ ‬يتم التحايل عليهم واصطيادهم وتجنيدهم ضد أنفسهم أولاً‮ ‬هم الشريحة الاجتماعية القابلة لهذا الاستثمار والتي‮ ‬تنعدم لديها أي مناعة،‮ ‬ومن تنطبق عليهم قاعدة نفذ ثم نفذ فقط بلا أية مناقشة أو مراجعة أو اعتراض هم الذين جرى تجريف وعيهم وتغيير مفاهيمهم، وغسلت أدمغتهم،‮ ‬لأنهم لا يملكون أية دفاعات، ولم‮ يتم تحصينهم وتلقيحهم ضد هذا الوباء‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ومن قالوا إن الجاهل عدو نفسه لأنه يعتقد نفسه حكيما، اختصروا المسألة كلها ،وإنَّ سبب انتشار الجهل والتخلف أن أصحابه متحمسون جداً لنشره والأخذ به، اعتقادا منهم بأنَّ العقلاء أغبياء!! والمشكل الكبير انهم استغبوا شعبنا وهذا شيء لا يعقل ،‮ ‬لأن ما‮ ‬يصدر عنه من أفعال أو ردود أفعال‮ ‬يبقى مقيداً‮ ‬في‮ ‬نطاق واحد هو ما‮ ‬يريده الصيادون،‮ ‬فالطعم الذي‮ ‬يوضع في‮ ‬الفخ لاصطيادهم هو من لحم الضحية نفسها لكنها آخر من‮ ‬يعلم‮.‬
‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
من هنا جاءت فكرة تعميم التثقيف الوقائي‮ لما ‬له من دور استباقي‮ ‬في‮ ‬تحصين الوعي،‮ ‬وتمكين العقل وجعله رصيناً وتمكينه أيضاً من استدعاء كل ما لديه من مصدات وطاقات كي‮ ‬لا‮ ‬يسقط بعد أن‮ ‬يفقد توازنه‮.

    أما سبل وأهداف التثقيف الوقائي‮ ‬فهي‮ ‬سبل تربوية بامتياز ولا بد أن‮ ‬يبدأ هذا التثقيف في وقتٍ مبكر‮ ‬ومن خلال الشرح والتفسير وتقديم رسائل إيضاح تحوِّل ما هو مجرَّد إلى حسّي‮ ‬وملموس،‮ ‬وما يقع في سياق التصورات والمتخيل إلى مرئي‮ ‬بالعين المجردة وحقيقي ‮.‬ويصد كل تيارات الرياح السامة التي في‮ ‬الأفق،‮ ‬فلم تنتظر هبوبها لتعصف بالعافية الاجتماعية والوطنية والقومية،‮ ‬ومارست هذا النمط من التثقيف الايجابي الوقائي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى