قمرُ نابلس.. رواية أليسار عمران (1)

جريدة عالم الثقافة | خاص

سأعود
سأعودُ..
لشمسٍ تغمضُ أجفانَها لتحضنَ أجنحةَ طفلٍ أهداهُ الزّمانُ والمكانُ آلافَ الطلقاتِ في ظهرهِ.. ومشى مترنّحاً يحملُ رايتَهُ نعشاً منْ أغصانِ الزّيتونِ!

لذاكرةٍ تراكمَ عليها الرّصاصُ غباراً،فلعبَ الدّماغُ لعبةً ذكيّةً.. أخبرتْهُ تلك اللّعبةُ أنّ وقودَ القناديلِ،يسجدُ ليُقبِّلَ أصابعَهُ الّتي تضغطُ على فتيلِ القلبِ، ليشتعلَ الفتيلُ،وتُضاءَ شموسٌ لتلهمَ حجراً مباركاً، يحاورُ عقلاً لا يريدُ أن ينصتَ إلى كذبتهِ الشّيطانيّةِ في أنّ هذهِ الأرضَ المباركةَ مُلكُهُ وحدهُ محاولاً رجمَ التّقويمِ، وإجهاضَ نكهةِ البرتقالِ.. واحتراقَ الزّيتِ وسكْبَ العزاءِ في وجوهِ أطفالٍ كانَ ذنبُهم الوحيدُ أنّهم وُلدوا !

همْسُ القمرِ وحديثُهُ مع النّجومِ،لا يزالُ يحافظُ على اصطفافِ الّلؤلؤ..

الزّمنُ في السّماءِ لايشبهُ الزّمنَ في الأرض..
هكذا تَحدّثَ القمرُ للنّجومِ..
منذُ بدءِ التّكوينِ، وسيرةُ العطرِ تبقى ،كما يقولُ المسافرونَ، عطرَهم الّذي يتعتّقُ بالرّيحانِ كلّما أوغلَ السّفرَفي الزّمانِ والمكانِ..

سأعودُ..
انتظريني..
مِنْ شهقاتِ نايٍ حزينِ رافقَ قدّاسات المسافرينِ..
مِن ذاكرةِ العشبِ،من عيدانِ القصبِ،مِن حكاياتِ البحيرةِ للنّسائم..
من الكلماتِ الصّادقةِ الّتي صرخَ بها عجوزٌ عايشَ التّاريخَ في وجهِ محتلٍّ يحملُ بندقيّةً، فارتعدتْ البندقيّةُ في كفوفِ الجبانِ!

سأعود..
انتظريني حين أسهرُ لأقضَّ مضاجعَ الخوفِ الّتي يحفرونها في هيكلِ التّاريخِ الّذي يسطّرونهُ أمامَ العيونِ النّاظرةِ الّتي لاتبصرُ شعاعَ الحقيقة ..

سأعود..
انتظريني مع رائحةِ الخبزِ في فلسطينَ،مع عبقِ الياسمينِ في دمشقَ،مع نكهةِ البنّ في اليمنِ مع البُخورِ في عُمان..
مع جرحِ العراقِ وشموخِ الأرزِ في لبنانَ مع هوميروس المخطوفِ من مصرَ.. مع السُّعداء في سيدي بوزيد ..

سأنتفضُ من ذكرياتِ يومِ شهداءِ الجزائر، وأسكبُ لهجاتِ المغربِ في قالبٍ أصيلٍ خَطّهُ أديبٌ وشاعرٌ حملَ قيثارتَهُ بين المصلّينَ وقال لهم: هكذا نحنُ نصلّي!

سأنتفضُ لأرويَ لكم عن الرّجلِ الّذي جمع شظايا ليبيا كبلّورٍ لجراحاتهِ.. وحين أضاءَ انقضّوا على وهجِه ..

سأعودُ لأُقطّبَ جراحات وطنٍ تمزّقَ قلبُهُ فبكى.. فأزهرَ اللّوزُ وغرّدَ الجوريُّ ونبتَ العشبُ على أجسادِ المتعبين!

سأعودُ..
انتظريني حين يصغي الكونُ إلى رسائلِ العصافيرِ الّتي تفارقُ الكرومَ وهي تقولُ: وما الرّحيلُ إلّا بداية جديدة!

طفولةٌ مُشرقة
سيف – 1990
افتحي ذراعيكِ واستقبلي حارسَكِ الّذي سيصنعُ للشّمسِ عشّاً على مقاسِ السّماء..

نابلس القديمة،
بمنزلِ الحلمِ، (دمشق الصّغرى)،
مذاقُ الرّاحةِ والأمانِ والطُّمأنينة، العتقُ العريقُ الموغلُ في القِدم..
ساحةُ الدّارِ.. والبحرةُ.. نافورةُ الماءِ..

رائحةُ التّنباكِ الّتي تُعتِّقُ الشّرفاتِ، أهلُ نابلس الّذين يعشقون طقسَ الحياة..
يبخّرون الأمسياتِ بالاحاديثِ الجميلة والضّحكاتِالرّقراقة كجدولٍ ينسابُ ليخبرَ الرّيحَ أسرارَ الحياة،
الغرفُ الموزَّعةُ لطابقين، كأصابعَ تستديرُ لتحيطَ طرحةَ الأحلامِ..
المنزلُ الشهيدُ الذي وهب جدرانهُ لباساً لأحد وعشرين مناضلاً احتموا به في زمنِ الانتفاضة، حاملاً معه، حين تناثرتْ حجارتهُ، خبزَ التّنور، العصيرَ اللّذيذَ، طقوسَ صحنِ الفولِ، صحنَ الكنافة، العشقَ القديم للفرنِ، للمناقيشِ.. للشّوارعِ هناك..

هل يفهمُ هذا العالمُ كيفَ يستشهدُ الزّمانُ محتضناً المكانَ بعبقِ ذكرياتِه؟!

كانَ الوقتُ عيداً حينها..
وكنتُ بعمر السّابعةِ، أوزّعُ فرحَ العيدِ مشرقاً بأحلامِ الشّمسِ والقمرِ والنّجومِ،والحزنُ السعيدُ راسخٌ في ذاكرتي ..

بدلتي الجميلةُ، ربطاتُ العنقِ الأنيقةُ.. وسعادتي الّتي تعيرُ شوارعَ نابلس إيقاعَ حضورِ العيدِ على توقيتِ دوريّة إسرائيليّة، تلمعُ السّخريةُ بعيونِها لسببٍ لم أفهمْه، كمَن يسكبُ كأسَ سعادتِهِ على نيرانِ اللّهبِ فيتبخرُ المجازُ في طرحةِ العيدِ!..
كنتُ طفلاً يحاولُ فكَّ شيفرةِ الضّبابِ حولَه..

أدركتُ بعدها أنّ بساطَ العشبِ يُسحَبُ مِن تحتِ إيقاعِ خطواتي الّتي تدوزنُ إيقاعَ حلمٍ بخارطةِ وطنٍ ممزَّقِ في حناجرِ العصافير..

نابلس.. التّنباكُ.. جدّتي.. شقاوتي وسرقةُ( نفَسِ نرجيلةٍ ) لم أكنْأدري أنّني سأعبرُ بدخانه الأردنَّوسوريّة، وأحوّلهُ إلى أهراماتٍ فلسطينيّةٍ تلملمُ المواويلَ والحزنَ السّعيدَ لِجنّةٍ كانت هناك.. في نابلس.. بعد أن استولى عليها المارقون!

مخادعون
النّاصرة- فلسطين/١٩٧٦

كمن يصومُ ويصلّي ويشقى ويذبحُ قرابينَ شوقِه بانتظارِ الموعد حين تشرقين تحت أمطارِ الموسيقا، انتظريني.. سأعود..

عام/١٩٧٦/ حاول الإسرائيليّون تهويدَ الجليلِ وإخلاءَ أهلِها..
ارتقى حينها، في الثّلاثين من آذار، ستّةُ شهداءَ من منطقةِ الجليل ..
وفشلوا..
فبنوا إلى جوارها مدينةَ (نترسيت عليت) وتعني:(النصرة العليا لليهود)..
أمّا الشّخصُ الإسرائيليُّ الّذي رفضَ قَتْلَ أهلِ النّاصرةِ فيذكِّرُكَ بملحمةِ (قسطنطين فيرجيلجورجيو)، وبمقولةِ جبران خليل جبران (لا يدخلُ المؤمنُ قلبَ الله حتّى يلغي انتماءَه إلى العرقِ والجنسِ والدِّين ).

لقد هربَ الاسرائيليُّ حينها إلى الأرجنتين وأعطاهم الأمانِ بعد أن شربَ طيبتَهم وأكلَ خبزَهم ولامستْ شغافَ قلبِهِ أنوارُأرواحِهم..
حينها، طلبَ من الدّولِ الغربيّة وَقفَ إطلاقِ النّارِ على أهل النّاصرة.. وعادَوهاجر إلى وطنِه.. الأرجنتين!

تيباريوس-١٩٨٠
فلسطين والأردنّ

ربّما علينا أن نغرقَ معاً في الماءِ المقدّسِ مرّةً ثانيةً بعد أن نقتطعَ منَ الذّاكرةِ تلك الجرائمَ الموثَّقة..
يحتاجُ الغفرانُ الكبيرُ عقلاً لا يتذكّرُ إلّا ابتسامتَكِ وهي تعانقُ شعاعَ الشّمسِ المنكسرَ فوقَ مياهِ البحيرة!..

تعودُ التّسميةُ (طبريّا) إلى إمبراطورٍ رومانيٍّ مرضَ مرضاً عظيماً ذات يومٍ، ولم يَعرِفْ له الطّبُّ علاجاً ناجعاً رغمَ ازدهارِ الطّبِّحينها، فأشارَ عليه الكهنةُ والمستشارون بأنْ يغتسلَ يوميّاً بماءِ الحمّةِ السّاخنةِ المقدّسةِ قربَ جبلِ الشّيخ.
وحينَ شُفي أطلقوا التّسميةَ على المدينةِ التي عُمّدَ بها سيّدُنا المسيحُ وسيّدُنا ذكريا يوحنّا المعمدان، ثمّ صارَ اسمُها لاحقاً (طابَريّأ) وبعدها طبريّا !

طبريّا.. عروسُ الجليلِ الّتي مشى على سطح مياهِها سيّدُنا عيسى المسيحُ، تنمو فيها ألذُّ وأطيبُ أنواعِ السّمكِ (كالمشطِ والسّردين)..
ينمو فيها الوردُ الجوريُّ بأنواعِه وبأحجامِه الكبيرةِ جدّاً!

أتعرفُ يا حسن؟
يهمسُ الرّاهبُ: إنّ الصّهاينةَ يحاولون حَفْرَ هوَّةٍ للحقيقة ليردّوا عليها ترابَ الكذبِ والخداعِ والنّفاقِ، إنّهم يشيطنون الذّكاءَ باحترافيّةٍ عالية، وحده المجرمُ الذّكي يتدرّبُ دوماً على إخفاءِ الأدلّةِ، ويسعى وينجح..
البارحة قتلوا الحقيقةَ على العلنِ وعلى مرأى العالم لمّا قتلوا(شيرين أبو عاقلة)، ثمّ وجّهوا التُّهمةَ للفلسطينيِّ بكلِّ وقاحةِ الدُّنيا!

ثمّةَ ألماسةٌ ستنكشفُ قريباً فيُصابُ منها الآثمون بالعمى..
ستهطلُ على خدودِ الطّيّبين وتشرقُ من فرحِ الأطفالِ، الّذي فشلَ العالمُ الجشعُ باستعارتِه يوماً واحداً ليتصالحَ مع نفسه، ويعترفَ أنّه عاشَ يكذبُ حتّى دَفنَ رأسَهُ في حفرةِ الخراب!

مشهدٌ وحيدٌ يرويه حسن..
كانتْ تردّدُه ذاكرةُ أمِّهالثّمانينيّةِ قبلَ أن تلملمَ ضفائرَها وتهاجرَ إلى دمشق..

هناكَ..
على الشّاطئ قرب طبريّا، كنتُ مع قريبتي نزورُ البحيرةَ حين جاءَ إسرائيليّون بالصّدفة..
مزّقوا ملابسها، وقطّعوا جسدَها وثدييها!
لم تتحدّثْ أمّي عن الاغتصاب..
فتلك المشاهدُ ترفضُها ذاكرةُ الأطفالِ ولا تفهمها..
ثمّةَ جزءٌ تلتهمُه الذّاكرةُ وتطمرُه بعيداً عن أرشيفها لا لشيءٍ، هي تريدُ أن تعيشَ وتكملَ..

سكنتْ أمّي مخيّمَ اليرموك في سوريّة، وعادتْ نكبتُها ثانيةً حين دمّرَ المسلّحونالمخيّمَ، وكرّروا المشاهدَ ذاتها، برميِ الجماجمِ على مدخلِ المسجد..
حيلتُهم التّرهيبُ والقتلُ ليجعلوا السّكان الأصليين يطلبون الهجرةَ من بلادهِم إلى غير رجعةِ!

لقد ادّعوا أنّ النّقاءَ رجعيٌّ ليلفظوا ذلك الشّعبَ الطيّبَ كرصاصاتٍ في بلادهم تروي للعالمِ الحقيقةَ كاملةً، فالشّعوبُ اليومَ تفهمُ الحقيقةَ.. تريدُ السّلامَوتدافعُ عن فلسطين..

ساهر وأمه
حيفا- فلسطين/2020

أعيريني حزنَكِ المؤجَّلَ ليومٍ واحدٍ فقط، ودعيني أواظبُ على صلاتي إلى الأبد..

هيّا نَمْ يا صغيري لكي تستيقظَ باكراً.. أريدُ علاماتٍ تامّةً!

يلتقطُ الصّغيرُ وجنةَ أمّه..
ترحلُ مخيّلتُهُ معلِّقةً نجمتين في عينيه..
حدّثيني عن حيفا يا أمّي، مع عناقٍ بقبلتينِ!

كنّا حينها في الصفِّ السّابعِ حين أعدّتْ المدرسةُ في برنامجِها، رحلةً إلى حيفا..
أذكرُ أنّني لم أنمْ من شدّةِ الشّوق واللّهفةِ، كمن قبضَ على جوازِ سفرٍ إلى الجنّةِ ولو لوقتٍ قصيرٍ!..
حسنٌ..
كيف أصفُ لك، يا صغيري، قلباً مشتاقاً لنبضِهِ، وعيوناًيشتاقها البريقُ، وأصابعَ يجتاحُها الحنينُ إلى تقبيلِ جبهةِ مدينةٍ وملامسةِ خدودِها والارتماءِ فوقَ صدرِها إلى الأبدِ،والاصغاءِ إلى أجراسِ كنائسِها.. ومآذنِ جوامعِها؟!

ثمّةَ غصّةٌ لا تزالُ عالقةً في الذّاكرة..
حين دخلناها مع المعلّمين والتّلاميذِ، والمشاعرُ تعلو وتهبطُ وتستقيمُ، كنّا كمن يشهقُ الحياةَ ليرى وجهَ اللهِ ومِنْ ثمّ يبكي ويغمضُ عينَهُ مرّةً أُخرى إلى الأبد..
كمن منحَ طفلتَهُ لأسرةٍ ثريّةٍ لتقومَ بتربيتها بسببِ عجزِه ومرضِه وفقرِه..
كان لديّ ألفُ سؤالٍ وأنا أتجوّلُ بحذرٍ وهيبةٍ على عرباتِ الحيرة!

لقد عانقتْ روحي برودَتها وقبلتْني نسائمُها وتركتْ قطراتِ دمعِها على عنقي عاتبةً عليَّ..
شعرتُ بالرّهبة حينها، كنت أسترقُ النّظرَ إلى طبيعتها الخلّابة وكأنّني فرّطتُ بابنتي البكر!
مشاعرُ كثيرةٌ تضاربت في أعماقي..
غرقتُ في آثارِها..
كنيسةُ القدّيس يوحنا، جامعةُ حيفا، متحفُداغون..
لقد منعونا حينها من رؤيةِ بعضِ الأماكنِ، كونها مقرّ رئاسةِ الصّهاينة..

هيّا نَم يا ساهر ..
لقد كنتُ متفوِّقةً ولم أكملْ دراستي..
تزوّجتْ من أبيك صغيرةً لأنجبَك يا قرّة عيني ..

ساهر، وأصابعُه تداعبُ مصحفَها المعلّقِ بسلسلةٍ ذهبيّة ..
– حدّثيني أيضاً يا أمّي!
– حسنٌ.. حزنتُ حينها لأنّني لم أنَم لأراقبَ شروقَ الشّمس، وأرى الفلّاحين كيف يزرعون حقولَها بالأملِ المتقطّرِ كاللّؤلؤ من سواعدِهم..

تلكَ البلادُ لنا،حيفا لنا..
يصفِّقُ العمّالُ في المعاملِ، والفلّاحونُ يحرثون الحقولَ، جوقةُ العصافيرِ، وأطفالٌ يركضُون فوقَ مساحاتِ العشبِ الأخضر، وساهرُ وبشرى يرفعان أصابعَهما ملوّحين لسربِ الحمام، ضحكاتٌ هنا وهناك ..

لونُ السّماء أزرقُ بصفاءِ لونِ البحر، وخيوطُ الشّمسِ تلتفّ لتغزلَ صباحاً جديداً على عنقِه الصّغير !
استيقظْ يا صغيري.. لقد أعددتُ لك البيضَ المسلوقَ والشّايَ والجبنَ اللّذيذ..
يغسلُ الصّباحُ وجهَهُ بتغريدة الأطفال وتصفيقِ دفاترِهم وكتبِهم، لكتابةِ مستقبلٍ بالعلمِ.. وبالأمل..

ذكرياتُ شاعرٍ
المكان: لا مكان/٢٠٢٢

عرفتُكِ..
لكنّني لا أتذكّركِ تماماً..
تعالي وامسكي قلبي بيديكِ لنحلّقَ كالعصافيرِ فوقَ بحيرة طبريّا..
البحرُ الميّتُ أضناهُ الشّوقُ لأصابعِنا!
الملحُ أجّجَ موجَنا الموغلَ في الشّغف..

بعمرِ الثّمانين، تحملُ الذّاكرةُ عكّازها، أخبريني من أين ألتقطُ الدّموعَ..
أجزاءُ السّفرِ والغربةِ تدورُ كقرصِ نيوتن بي، لم يتبقّ إلّا بياضُ العينِ الّذي أضناهُ الشّوقُ كيعقوبَ بانتظارِ ولدِه البارّ..

حين تكون البلادُ مغترباً والمنفى بلاداً، وأنا الفلسطينيَّ، بمئةِ هويّةٍ، أحملُ أبجديّةَ بلادي في جيناتي كغيمةٍ تزرعُ لوزاً وزيتوناً وبرتقالاًفي سوريّةَ وفي لبنانَ.. في مصرَ والمغربِ العربيّ..
في ليبيا والجزائرِ، في تونس ، في .. في العالمِ كلّه!

لقد اتَّحدت البلدانُ في قلبي.. وأنا المشتَّتُ باغترابي عن الزّمانِ وعن المكانِ وعن اتِّجاهِ البوصلة..

حسبي من العمر بعضُ أوراقٍ ممزَّقةٍ على صدرِ عودٍ يعزفُ أعذبَ الأغاني لينصتَ جبينُ اللّيلِ إلى كهفِنا العتيقِ قرب الشّاطئ..
إلى موقدِ الحطب في غابةٍ بعيدةٍ هناكَ..
هناك.. حيثُ كانَ ينبضُ قلبي ..

سأعود..
افتحي ذراعيك.. وعانقيني،
وليكنْ، هذه المرّة، عناقاً أبدياً!
لقد تعبَ العمرُ من العمر!
وملّتْ الدّروبُ منَ الخطى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى