لا تستهينوا بأصواتكم

زوليخا موساوي الأخضري | المغرب

مصطفى كوصاك شاب لم يتجاوز ثمانية  وعشرين ربيعا، مات جائعا ووحيدا في زنزانته الانفرادية. قبل أيام من ذلك شيّع بعض المناضلين رفيقتهم المغنية هيلين بوليك التي توفيت أيضا بعد 297 يوما من الإضراب عن الطعام للمطالبة بمحاكمة عادلة.

هل من خيار آخر للإنسان حين تقوّض حريته وتنتهك كرامته غير سلامته الجسدية وغير حياته سبيلا للدفاع عن نفسه وعن معتقداته.

وأنا أتابع أخبار الموت الذي يختطف هؤلاء الشباب الأتراك بسبب تعنت المسؤولين، أتذكر عشرات المعتقلين السياسيين في وطننا والإضرابات الطويلة عن الطعام التي خاضوها دفاعا عن حقوق بسيطة ومشروعة والتي استشهد فيها الكثيرون: سعيدة المنبهي، مصطفى بلهواري،  بوبكر الدريدي، عبد الحق شباظة وآخرون.

يسبق الإضراب عن الطعام عادة تهييئ جيد ونقاش مستفيض يتناولون فيه كل المعيقات وكذلك كل الامكانيات المتاحة التي يمكن أن تجعل الإضراب ينجح ويوصل الرسالة إلى السلطات و إلى الرأي العام الوطني و الدولي.

لكيلا يغامروا بحياتهم وحياة رفاقهم كانوا يضعون خارطة طريق لإنجاح الإضراب يراعون فيه الاستعداد البدني والنفسي لكل واحد منهم كما كانوا يحللون الواقع السياسي والتحالفات الدولية لمعرفة من سيساندهم في معركة البطون الفارغة التي يعتزمون القيام بها.

على الأرجح هذا ما قام به المعتقلون السياسيون في تركيا لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن يشل فيروس كوفيد 19 العالم بأسره وكل من كانوا يعولون عليهم في التعريف بقضيتهم ونصرتها في المحافل الدولية لا حول لهم ولا قوة. فهم إما مكتوفي الأيدي في الحجر الصحي أو يبكون موتاهم ضحايا الفيروس.

لذلك على كل واحد فينا إن استطاع ذلك أن يتكلم عن هؤلاء الشباب دون التفكير فيما إذا كنا نتفق أو نختلف معهم بل نفعل ذلك فقط لأنهم مثلنا بشر ولهم الحق في الحياة ومن واجبنا أن نذكر سلطات بلادهم باحترام ذلك الحق.

لا تستهينوا بأصواتكم أصدقائي صديقاتي، لا يمكنكم أن تتصوروا كم يمكنها أن تغيّر أشياء كثيرة في هذا الكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى