إطعام

عمر حَمَّش | فلسطين

أمُّ عليّ لا تبرحُ الجدران، فقط يأتيها ضوءُ النهار؛ فيضرب حصيرَتَها، لتصافح نورَه، دونما تراه، يأتيها رزقُها من غيرِ أنْ يطرِقَ باب كوخِها أحد:
قطعة لحم .. فتات خبز .. تفاحةٌ أحيانا .. أو أيّ شيء كان ..
أبو ذراع أثارَهُ الفضول، جاء بخفةٍ؛ يرصدُ عن كثبٍ سرَّ العمياء .. رآها ترفعُ رأسَها، كأنّها على ميعاد، وهي تنشرُ ابتسامةَ التجاعيد .. ورأى سقطةَ حبَّةِ الكوسا المحشوة بالأرز واللحم، وميَّز فرحة الكفين المعرّقتين، أمّا الجدار فكانت عليه ذات القطة التي تتخطفُ أطعمةَ آنية بيتِه .. شهقَ أبو ذراع، وهي ترمقه .. وحدّقَ وهي من فوقه تموء .. شهق، ثمَّ طأطأ .. ومضى يجرّ ساقيّ بطنِه تاركا فم أمّ عليّ يدور، وعلى مهلٍ يلوك الطعامَ بلا أسنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى