أيها الليل

مصطفى لفطيمي | المغرب

أيُّها الليلُ..

بَيْنَ اليَدِ و الأَصَابِعِ
أَبْخِرَةٌ تَتَصاعَدُ في كُلِّ اتِّجاهْ .
قُلتُ مَرَّةً :
و مَا الذِي يَجْعَلُ مِنْ يَدِي مِطْرَقَةً
تَدُقُّ الوَقْتَ مِثْلَمَا تَدُقُّ أُمِّي الحَجَرَ عَلى الحَجَرِ .
مَا الذِي يَجْعَلُهَا تُحْدِثُ هَذا الخَرَابَ فِي الأَرْضِ .
كُلَّمَا صَارَ البَحْرُ ضَيِّقاً ، صَارَتْ يَدِي طَوِيلَةً .
َأيُّها اللَّيلُ : لِمَاذا نَبْتَسِمُ عِنْدمَا نَحْلُمُ بِالفَراشَاتِ السَّوْدَاءْ ؟
لِمَاذا نَبْكِي و نَحْنُ نَنْتَظِرُ المَوْتَ عَلَى الرَّصِيفْ ؟
المَقَاهي فَارِغَةٌ ،
القِطَارَاتُ لا تَأْتِي ،
الفِخَاخُ مَنْصُوبَةٌ في الحُقُولْ ،
الطُّيُورُ لا تَنْقرُ في التُّرَابْ ، فَتَمُوتُ فِي الأَزِقَّةِ المَهْجُورَةِ .
أَيُّهَا اللَّيْلُ : هَذِهِ الغَيْمَةُ في الأَصْلِ امْرَأةٌ
تَجْلِسُ فَوْقَ سُرَّتِها ، و تَبْكِي
هِيَ تَعْرِفُ أنَّ اللهَ سَيَأْتِي
يَحْمِلُ في يَديْهِ البَحْرَ ،
و الضٌّبَابْ .
يَحْمِلُ في يَدَيْهِ أُمِّي
و الأصْحَابْ .
أيُّها اللَّيلُ : أيْنَ سُفُنِي التِي صَنَعْتُهَا
مِنَ الأخْشَابْ ؟

مَرَّةً قُلتَ لي :
و مَا الذِي يَجْعَلُ مِنْ أَصَابِعِكَ خَيْمَةً ،
أْوْ كَنِيسَةً .
مَا الذِي يَجْعَلُها غَابَةً
يَكْبُرُ فِيهَا الشَّجَرُ و يَصْعَدُ مَعَ السَّاقَيْنْ :
تَكْبُرُ شَجرَةُ التُّوتِ ،
و النَّارَنْجِ ،
و تَكْبُرُ الفَرَاشاتُ السَّوْدَاءْ .
ثُمَّ تَنْمُو الحِنْطَةُ ،
و الحَشَائِشُ الخَضْرَاءْ .
مَاذَا نَصْنَعُ إذن ، بِكُلِّ هَذهِ الأَحْلامْ ؟
هَلْ نَرْفُسُها بالأَقْدَامْ ؟
هَكَذا ، بالأَقْدَامِ الحَافِيةِ
ثُمَّ نَضَعُ تَحْتَها الأَلْغَامْ .

هَذِهَ مُدُني ،
كُلُّ الشُّمُوسِ تَشْرُقُ مِنْهَا :
رُومَا التِي في القَلْبْ ،
قُرْطُبَةُ التِي تَبْكي ،
و بَابِلُ التَي تَبْتَسِمْ .
أَيُّهَا اللَّيْلُ : هذه الغَيْمَةُ مَا عٌادَتْ غَيْمَةً ،
و لا امْرَأةً 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى