دافنشي دون الجوكندا

د. ريم سليمان الخش|فرنسا
.
-أو للخوالي الدارسات تَذكّرُ
والوقت مكوك الفضا إذْ يعبرُ
.
والقلب ماألفَ الوراء مقهقرا
إلا وكان على الحضور تَحسّرُ
.
فاغنم حياتك كاشفا مستبصرا
إنّ التفكّرَ كائنٌ متطورُ
***
أما الذين بقلبهم مرضٌ فلا
يستوقدون سراجهم كي يعبروا
.
متقوقعون بقاع أبحرهم فلا
يصل الشعاع لقعرها إذْ يبحرُ
.
والعقل مصباح الدروب تكشّفا
فإذا انكفا فتوجسٌ وتعسّرُ
***
والنادبون بلوعة أطلالهم
بهوى أصمَّ خيولهم تتعثرُ
.
يتشبثون بلوحةٍ ذهنيّة
وهميةِ الإيطار لا تتغيرُ !!
.
تجترُ قلبا حالما ومثرثرا
متحامقا متصلّبا لا يُبصرُ
.
فتضيق ساحات الشعور تغلّقا
ويظل في سردابه يتضجرُ
.
تنتابها دونية حسيّة
فيثور غول كآبة أو يَفجُرُ
.
هلك الذي عن وعيه متجردٌ
متقوقع صلب الأنا متحجرُ
***
لاشيَ بالإكراه يفرض نفسه
(إلا الردى) فبه نُذلُ ونقهرُ
***
ولقد رهنت مطيّتي لترحّلٍ
ومسحت أضرحة الهوى لا أُقهرُ
.
وقبضتُ من أثر الحبيب قصيدة
تُروى لكلّ مولّه يتضورُ
.
فتُقيته حتى امتلاء صبابة
وترّده متصوّفا يتبصرُ
.
في حضرة الحب العظيم مراقصا
متوحدا أظلاله يتفكر
.
وتشع في ليلٍ زوت أقماره
أيقونة عشقية تتقمرُ
.
ومدامة في كأس كل مسامر
وهو النديم هو الطريق الأخضرُ
***
قالت وتُقضي طرفها في حسرة
ويشّع عقدُ لآلئٍ تتحدرُ
.
أعيى الهوى قلبي وزاد تأزّما
وتشقشقت أرضي أسى لا تُزهرُ
.
حتى غدت كبلاقعٍ مهجورة
وإخال أني للردى أتحضّرُ
.
من بعد أنْ كان الغرام مطارحا
متلذذا في سكرة يتقشر
.
جفّت موارد فيئه فندبته
وقطعت ثوب ملائتي أتحسّرُ
***
ولقد حسبت صبابتي أبدية
وإذا بوهج مشاعري يتبخرُ
.
رسم اندلاقات الشعور قصيدة
في ريشة قمرية تتحررُ
.
فحسبت دافنشي يعود ليحتفي
بمراسم الجوكندَ إذْ أتحضرُ
.
وظننتُ أنّي لوحة زيتية
ألوانها حيوية لا تغبرُ
.
عبثا أحاول أنْ أزاول مرسمي
فخطوطه عبر المدى لا تظهرُ
.
ولقد رماني في الظلال ولم أجد
إلا انعكاسات الرتابة تعبر
.
ظنّي بأن يأتي إليّ مشعشعا
فأعود في أقصى المدى أتبخترُ
***
معشوقة مني ولي تيهي الذي
متشبعٌ عقدي التي لا تُجبرُ
***
أولم أشارك قانصا في صيده
إنْ كنت تفاح الذئاب أقشّرُ
.
بتغنجٍ وتمكيجٍ وتدللٍ
في حضرة الشبق الذي لا يُذكرُ
.
سأم النفوس يريقها ألوانها
وعزاؤها أنْ قاب دمعٍ يغفرُ
***
فنغيب في أفيون وقت ماجن
متشيطن وهو الضلال الأقذر
.
فكأننا أعواد زيت حارقٍ
بخطيئة لحظية نتسعّر
.
وكأنّ جسم الراقصات مدامة
تسري فيلتذّ الشعور الأخطرُ
***
بصق الأذى في وجه كلّ فضيلة
من دون أيّ ملامة تستغفر
.
فولوجه دُبر المدائن عاصفا
مستبرقا لجج الغوى يستمطرُ
.
حتى إذا سقطت جنود قلاعها
فتحت له أثوابها يتخيّرُ
.
ينسلّ من قمصانها بغرابة الغازي
الذي عن صيده يتقهقرُ!!
***
طروادة الحلم العتيق تذللت
وسقوطها للفاتحين مقدّرُ
***
-لكن إذا ظلّت بكامل وعيها
عذراءَ حصن فضيلة لا تُقهرُ
***
ياعبل مالكِ قد ضللتِ ورودها
ماهكذا إبل الصبابة تعبرُ
.
فلقد بلغتِ على الركود جهالة
فيها المياه بقعرها تتقذرُ
.
والنفس من غوغائها مهزومة
وسراج مبعث نورها متكسّرُ
***
ياعبل نبض زماننا متسارع
وبه القلوب بومضة تتغيرُ
.
لا حرف يصدق في قصيدة شاعر
لامدنفٌ متوله بك يشعرُ
.
الحب أضحى ياعبيلة وجبة
وبهضم آخر لقمة يستدبرُ
***
مابين آلاف الظهاة مجاعة
ومآدبٌ أنيابها تتكشّرُ
.
حكرا على استهلاك قلب عابرٍ
يمضي كما جاء المحبّ الأكبرُ
***
ياعبل قتلاك الذين (…) رأيتهم
قد أعرضوا وتبعثروا وتنكّروا
.
ياعبل مولاك الزمان ملفّحٌ
بحرارة الأجساد أشعثُ أغبرُ
.
وكمن يسير على شفا زلزاله
الذاتيّ إثر كوارثٍ يتبعثرُ
***
ياعبل تلك وساوسٌ وهواجسٌ
في مسرح اللعب التي لاتبصرُ
.
وعيّ الفتاة مغيّب في جبّها
وذئابه لدجى الجوى تتضور
.
وترى نيوبَ تكشّرٍ أقمارها
ويرى بها صيدا له يتحضرُ
.
وكلاهما من رأيه متيقنٌ
أنّ اختلافات الرؤى هو جوهر
***
لانبض يبقى ثابتا إذْ نعبرُ
صيرورة الوقت الذي يتطوّرُ …..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى