في مُبادرة ” اقرأ معنا” فيصل دراج : محفوظ أعطي الرواية ميلادا جديدا

 

حرر البث – صبري الموجي:

تماشيا مع جُهود الدولة لمواجهة فيروس “كورونا” المستجد، أطلقت وزارةُ الثقافة المصرية مُبادرة ” الثقافة بين إيديك” ضمن برنامج “اقرأ معنا” الذي يُنظمه المجلس الأعلي للثقافة بأمانة د. هشام عزمي، حيث يتضمن المشروع قراءة صوتية للباحث أو المُبدع لأحد الموضوعات أو فصلٍ من كتابه أو روايته أو إحدي قصصه القصيرة أو قصائده في مدة زمنية لا تزيد علي 10 دقائق ؛ ليتسني عرضُها علي جمهور المشاهدين عبر قناة أمانة المؤتمرات بالمجلس علي موقع ” يوتيوب”

جديرٌ بالذكر أنه في إطار تلك المبادرة قدَّم الناقدُ الفلسطيني فيصل دراج مُقتطفات من أحدث أعماله : ” فلسفة الرواية عند نجيب محفوظ “، حيث أبرز في مقدمة بثه أنه لم يكتُب هذا الكتاب عن المُبدع نجيب محفوظ باعتباره روائيا عظيما، بل باعتباره إنسانا أعظم له من الأخلاق والصفات والسلوك ما يُبرر الاهتمام به .

وعن سر اختياره محفوظ بالذات ليكتب عنه، أكد دراج أن السبب أن محفوظ اختار ما أراده حُرا، واختار الحرية مركزا لاجتهاده الروائي، فكرَّس حياته للرواية، وكرَّس كتابته الروائية لمجتمع يعيشُ حرا طليقا.

ولفت دراج إلي أن محفوظ كان مُوزعا بين شغفِ الكتابة، ونقد السلطة السياسية التي تحتكر القرار وإرادة البشر، مُؤكدا أن المجتمع الذي يُحقق غايته يختار سُلطتَه، ولا تختاره سلطتُه، وأن خيارات الإنسان تُصنع ولا تُورث.

وأضاف دراج أن محفوظ زاوج في حياته المديدة بين رغبات واضحة البداية، ومسئولية لا يُمليها عليه أحد، مُؤمنًا بأن من يتساهل في المسئولية تعبث به الحياة، ويصل إلي لا مكان، ولم يكُن العبقري محفوظ يسمح لأي أحد أن يعبث به.

وعن المُفارقات مع نجيب محفوظ، أكد دراج أنه لم يُصبح لاعبَ كرة شهيرا كما تنبأ له بعضُ معارفه في طور شبابه الأول، ولم يهرع لدراسة العلوم برغم تفوقه فيها، كما أنه حين اعتقد أساتذتُه بكلية الفلسفة أنهم أمام فيلسوف مرموق، سار مع خياله الشخصي، وعُني بالتاريخ الفرعوني دون أن يُصبح مؤرخا.

وصرح دراج بأن ظنَّ الجميع عن نجيب محفوظ حين استهل الكتابة بالرواية التاريخية لم يكُن صائبا، إذ إنه لم يكُن قريبا من الأديب “جورجي زيدان” المشهور آنذاك، ولا من الأسكتلندي الشهير “والتر سكوت”، فلم يسر علي نهجهما بل اختار ما أراد أن يختاره، وكتب رواية أخري.

وأضاف دراج في كلمته عبر “اليوتيوب” أن محفوظ شاء منذ البداية أن يكون مُختلفا، فدرس التاريخ الفرعوني دراسة باحثٍ مُتخصص، وترجم كتاب “جيمس بيكي” مصر القديمة عام 1932م، ورجع إلي زمن الفراعنة مُوهما بأنه يكتب عن الماضي في حين أنه كان يكتب عن الحاضر، مُؤمنا بأن السلطات السياسية رغم اختلافها في الأشكال والأزمان، إلا أنها متماثلةٌ في الجوهر.

وعن عزيمة محفوظ الصُلبة، أكد دراج أنه تصرَّف بحياته، ولم يدع حياته تتصرف به، فكتب ما شاء، وأعطي الرواية العربية ميلادا جديدا، وأمد رواياته بأكثر من حياة، كما أنه كتب مقالاتٍ فلسفية تُسائل العقلَ وهواجس الإنسان، ونشرها في مجلة سلامة موسي ” المجلة الجديدة”.

وختم دراج بأن محفوظ ركَّز في معظم رواياته  – بدءا من روايته الأولي “عبث الأقدار”، وحتي آخر ما كتب – حول مفهومي العدل والحرية باعتبارهما أنشودة كل وطنيٍ مُخلص، وهو ما أهله ليكون روائيا عظيما، ومفكرا عظيما وإنسانا أعظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى