عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني

نهاد أبو غوش | فلسطين     

تطور المفهوم الحديث لحق تقرير المصير منذ الحرب العالمية الأولى، وإعلان الرئيس الأميركي وودرو ويلسون، وصولا إلى نتائج الحرب العالمية الثانية وموجات الاستقلال والتحرر الوطني، ولكن في جميع هذه الحالات وعلى الرغم من تعقيدات مفاهيم “الأمة” و”الشعب” و”الحدود” و”الثقافة” والتداخل بين المجموعات الإثنية واللغوية والدينية، ظل جوهر حق تقرير المصير قائما وهو حق المجموعات البشرية التي تعرف نفسها كشعب أو أمة في أن تختار مستقبلها وكيفية حكمها لنفسها وشكل السلطة التي تريدها بشكل حر ودون تدخل خارجي.

برز مفهوم حق تقرير المصير في تاريخ الشعب الفلسطيني باعتبارها مرادفا للاستقلال الوطني، عن الدولة العثمانية أولا ثم عن الانتداب البريطاني، لكن هذا الحق كان مقترنا بوجود كل أبناء الشعب الفلسطيني على أرضه وأرض آبائه وأجداده وهي فلسطين بحدودها الانتدابية.

تطور الفكر السياسي الوطني الفلسطيني على أرض فلسطين ليشمل كل مواطنيها وقاطنيها بصرف النظر عن دينهم وملتهم وجذورهم العرقية، فلسطين كانت على مدى التاريخ بلدا للتعددية والتسامح والعيش المشترك بين أتباع مختلف الديانات والمذاهب، كما كانت أرضا جاذبة تستقطب الناس للإقامة الدائمة فيها من مختلف القوميات والشعوب، ومثلما كانت مقصدا للحجاج والباحثين عن إشباع حاجاتهم الروحية، كانت ملاذا للمضطهدين وضحايا القمع والتعسف والإبادات الجماعية مثل الأرمن والشركس والشيشان والأكراد وغيرهم.

لذلك فإن فكرة تقرير المصير كانت تشمل كل مكونات الشعب الفلسطيني بما في ذلك اليهود الذين كانوا على مدى التاريخ مواطنين فلسطينيين مثلهم مثل غيرهم حتى برز المشروع الصهيوني بأبعاده الاستعمارية والتوسعية والاقصائية وهو المشروع الذي ميّز اليهود وعزلهم عن باقي سكان فلسطين ومواطنيها، وتنص المادة 6 من الميثاق الوطني الفلسطيني على أن اليهود الذين كانوا يقيمون في فلسطين حتى بدء الغزو الصهيوني هم فلسطينيون.

وقد نصت جميع الأدبيات الفلسطينية بما في ذلك الميثاق الوطني الفلسطيني وبرنامج منظمة التحرير وإعلان الاستقلال الفلسطيني، وبرامج الفصائل الفلسطينية على أن هدف النضال الفلسطيني هو قيام دولة فلسطينية علمانية تنتفي فيها كل أشكال التمييز بين الناس بسبب دينهم، وان البرنامج الوطني لمنظمة التحرير هو برنامج مرحلي يؤسس للحل التاريخي الذي يشمل العرب واليهود.

أدت النكبة إلى تشريد الشعب وتقسيمه إلى تجمعات ذات ظروف سياسية وقانونية متباينة، وما زال كل أبناء الشعب الفلسطيني يقاسون من الظلم التاريخي الذي وقع عليهم وأدى إلى تهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم وحرمانهم من حق تقرير المصير.

أي مقاربة لحق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني يجب أن تنطلق من المبادئ التالية:

– الشعب الفلسطيني كان وما زال شعبا موحدا له ممثل سياسي واحد هو منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل طموحاته الوطنية.

– حق تقرير المصير هو حق وطني سياسي، كما أنه حق جمعي يخص الشعب كله، لا يمكن اختزال هذا الحق في حلول إنسانية ولا حلول فردية.

– حق تقرير المصير يعني ضمن ما يعنيه إزالة الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني وكل تجمعاته وأبنائه، وبالنظر إلى الظروف الحالية الملموسة التي يعيشها الشعب الفلسطيني فإن ترجمة هذا الحق تعني ما يلي:

• حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم وفقا للقرار الأممي 194

• حق المواطنين الفلسطينيين العرب في إسرائيل في المساواة الكاملة في الحقوق السياسية والمدنية وحقهم في البقاء في أرضهم ووطنهم وبلداتهم، وحقهم في الاحتفاظ بهويتهم الوطنية والقومية باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني وحقهم في الانتماء لشعبهم دون تعارض ذلك مع حقهم في المشاركة السياسية وفي اكتساب حقوقهم المدنية الكاملة داخل دولة إسرائيل، ودون أي مساومة بين حقوقهم الوطنية والمدنية

• حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس وفقا لحدود الرابع من حزيران 1967

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى