رياضة.. الشتم والسباب !

صبري الموجي/ رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

أُثر عن أفلاطون حكيمِ اليونان: لا تروض الجسد دون النفس، ولا النفس دون الجسد، بل مرنهما كليهما، كما يُمرّن جوادان يجُران عجلة واحدة.

مقولة تُؤكد أهمية الرياضة بالنسبة للفرد أو المجتمع؛ لأنها تعمل على تقويم الأبدان، وتقوية العضلات، وتدريب النفس على الخفة والنشاط، واحتمال الشدائد التى تبرزُ معدن الرجال، والالتحامِ فى صفوف العمل، وترك الخمول والدعة، اللذين يحولان بين المرء وارتقاء المعالى.

وقد كان للرياضة شأوٌ عظيم فى أوروبا عامة وعند الإنجليز خاصة، حيث نسبوا لها ما حققوه من خيرٍ كثير، وبسطٍ وامتدادٍ للسلطان، الذي حملوا به وصف: ( الإمبراطورية التى لا تغيبُ عنها الشمس).

والرياضةُ والعلم صنوان لا يقلُ أحدُهما عن الآخر، فكما يُنمى العلمُ العقل والروح، فكذلك الرياضة تنمى الجسد والروح أيضا!

ومُخطئ من يعتقد أن الرياضة شيء من سقط المتاع؛ لأنها باعثُ كل قوة ومصدرُ كل نشاط، فلا يقوى عضوٌ على أن يقوم بدوره إلا بها، وصدق المثل: العقلُ السليم فى الجسم السليم.

وكما اهتمت الشعوبُ بالرياضة قديما وحديثا، اهتم بها الإسلامُ، وهو ما يؤكده قول ربنا فى سورة الأنفال: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل…. الآية)، والمعنى : أعدوا لأعدائكم الكفار الساعين فى هلاككم، وإبطال دينكم كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة، ونحو ذلك مما يعينُ على قتالهم.

ولم تغفل السنةُ المطهرة أهمية الرياضة، فأكد النبىُ أهميتها حينما قال: ( المؤمنُ القوى خيرٌ وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف)، ولا يُنكر عاقلٌ أن القوة المقصودة هى قوة البدن، التى لابد أن تتآزر مع قوة الإيمان .

ولم يقتصرُ اهتمامُ السنة بالرياضة على القول فقط، بل تخطاه للجانب العملى، فقد مارسها النبىُ، إذ سابق زوجته عائشة ؛ تأليفا لقلبها قبل أن تحمل اللحم فسبقته، ولما حملت اللحم سابقها النبىُ فسبقها، ثم قال ضاحكا: (هذه بتلك).

وأُثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: ( علموا أولادكم السباحة والرماية، ومُروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثبا).

ورغم دور الرياضة فى حفظ الجسم وتقوية البدن وملء أوقات الفراغ، وتأصيل روح التعاون، وتهذيب السلوك، وكلها غايات حميدة، أقول برغم هذا كله فلابد ألا تغفل آدابا أهمها: الاحتشام فى الملبس، وعدم اتخاذها تكأة لكشف العورات، وانتهاك المحرمات، كما هو حال كثير من الرياضات كـ ( الجومباز) والسباحة وخلافه !

ومن تلك الآداب ألا تشغل الرياضة عن عبادات وواجبات، وهو أدب أغفله القائمون عليها سواء لاعبين أو منظمين، حتى إن بعض المفتين، أباح للاعبي كرة القدم الإفطار فى رمضان أثناء اللعب بحجة أنهم يؤدون واجبا قوميا!

ومن آدابها عدم الاختلاط، الذى ذُبح على عتبة النوادى والأندية وصالات الرياضة، التى ضاعت فيها حُمرة الخجل، واختلط الحابل بالنابل، وكثر التخنث، وفاحت رائحة الشذوذ!

كما أن من آدابها الارتقاء بالذوق والسمو بالأخلاق، واللذين إن توافرا فى كثير من اللاعبين فإنهما قد غابا عن كثير من المُشجعين الذين تفننوا فى (رياضة) الشتم والسُباب، ومن ثم حنفوا عن الهدف الأسمى للرياضة !  

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى