وحدي .. نعمْ وحدي

فاطمة حيدر 
ألملمُ كركراتِ الموجِ عنْ جسدِ الرمالِ
وألتقي بالبحرِ حلواً
بعد أن لمستْه دمعتيَ الكثيرةُ…
بعد أن شرقتْ مياهُ البحرِ فيها
وهي تشربها على عجلٍ ;
حيث لم تبدأ ببسملةٍ
ولم تحمدْهُ
بل
سرقتْ من العين التي في الوجه
كحلتها ودمعتها
وأبقتني…

وحدي…
تبنتني الموانئ ..
وهي ترفع كفها للنازحينَ…
الغارقينَ…
العاشقينْ…
وحدي ..أذوق سلامة النعناع
وقت العصر في شفة الحنينْ

وحدي ..وبي قلقٌ على قلقي الحزينْ…
أصابعٌ مخمورةٌ مالت على ورق يحاول أن يساعدها لتنهضَ
من حنين العمر
أعني العمرَ ..خطاً فوق خطٍ في الجبينْ

وحدي…
أراقب كم تجرّح صدر هذا البحر من وخز السفيناتِ الخناجرِ
أسمعُ الأمواج تصرخُ
تستغيثْ…
أنبش الوحلَ ..الرمالَ…
فلا ألاقي غير خطوٍ
دمرته يداي
عمداً كي تسميني بجرم البحث عن بعضي وعن كفيَّ
“مجرمةً ”
فها كفاي لطختا بطينِ الشعرِ
رائحةِ القصائدِ
والكتابةِ
والشجنْ..

وحدي ..وبي الكلُّ ..الجميعُ
وبي الفرزدق وهي يرفع أنفه نحو السماءِ
بي الروميُّ وهو يخاف لمس الماءِ
فيَّ الجاحظ اليستاءُ إذ سموّه (إبن البحرِ)
بي كل من داست خطاه على الرمالِ
ومن يجهز نفسه نحو السفرْ…
بي كثيرٌ ; غير أني لستُ بي !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى