سياسة

هل بقي أحد لم يحتفل؟

حنان بدران | كاتبة من فلسطين

ونحن نهز سرير الموت ونتلو الأرقام القياسية العالمية بين مصاب ووفيات سقطت من عيني الجثث المشلوحة في الطرقات من التهجير القسري ودمها المخثر وجراحها بلا دواء ولا ضمادات ..لتطل علينا وجوه أوطاننا العربية تحت صقيع القمر البارد المذهول؟! تنهمر الأجساد الممزقة تضرب وجهي آلاف الأطراف المقطوعة، ولا حقتني صور البحر الهائج هجرات وهجرات ونكبة جديدة،المرض الذي مفروض أن تكون نهايته بالمصل المضاد له،نكسنا له الرايات المرفوعة بالهزيمة الإنسانية وتوابيت أجسادنا تمشي متحركة في مدن موحشة بين الدمار والخراب، تنزلق بكل خفة كالشبح في شوارع شاحبة، تطير فيها عصافير الطفولة المغدورة وهي تعود للانعتاق في السماء من مستنقع واقعها من عالم هرم كعجوز قبيح وبلا قلب…
بين تطبيع اجتماعي وتطبيع علني وتطبيع يشرق على أفق المغيب المعيب نقف على ساق الخيانة بين مهلل وبين مستبشر بالعدو خيرا، وبين واقع يتمدد في عراء الصحراء وهي تخلع عباءة الحياء وتعمل كراقصة استعراض أمام عمود التعري وعلي الجمهور العريض أن يكون أمامها مصفق حليف أو أعمى البصيرة والبصر…
أي هول حلّ في إنسان العصر فريد المأساة كأدويب فهو يرى ولا يبصر، ينظر ولا يرى، سُملت عينه الثالثة عين البصيرة وهو يقرأ دون أن تصفعه إعداد الشهداء، وشحنات المآسي التي يصدرها لنا العالم المتحضر مأساة كسلاح خطير،وأنا أقف على ساق واحدة أمام مخترع المصل أقول له: تعال معي إلى أي مقبرة تقع في المستقبل من الزمان لنقرأ على شاهدة قبره الأعوام الحقيقية التي عاشها بالمعنى الإنساني الحقيقي للكلمة لما حملت شواهد قبورهم بفضله عشرات من الأعوام أكثر من أشهر عديدة من الحياة الحقيقية لا العيش الحسابي، ستقرأ هنا يرقد فلان عن عمر يناهز المئةبفضل المخترع لكنه مات مقتولا في شرخ شبابه، هذا إذ لم يغتله النظام الاستهلاكي لبلاده ودمر روحه عدة مرات ريثما أجهز عليه فيما بعد إنسان آلي حل فيه خلل مفاجئ في بطاريته وبات وحشا وأداة للقتل بدم بارد…!
العلم سلاح بيولوجي خطير أي أداة حرب وتأليه العلم مأساة وكيفية استخدامه واستعماله هو الأهم. إن يظل عبدا ووسيلة، كبندقية تطلقها الإنسانية في حربها ضد الغاب بدلا من أن تحولها إلى صدرها وتنتحر.
صيدلية العلم… تستطيع أن تشفي ولكنها تستطيع أيضا أن تكون أداة قتل فتاكة بقفازات بيضاء، باتت القفازات تقطر دماء حمراء،وقبل أن يوصف لنا وصفة لمد العمر، نقف كجيل ممزق الهوية أمام الصيدلية منذ عصور باحثين عن اختراع للدواء الذي يجعلها (تحيا إنسانيا)،في عصرنا هذا المتخم بالرقي العلمي والمصاب بالهزال الإنساني وفقر الدم.
ما زال الأمل فينا بتلك اليد الناصعة البياض نراها وهي تدق أول مسمار في نعش عدونا وهي تحمل راية بداية التحرير…!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى