تاريخ

الصورة الحقيقة للأبطال

بقلم: د. أحمد الطباخ
الناظر اليوم في أحوال بلادنا لا يمكن أن يصدق أن هذه الأجيال هي امتداد لمن سبقنا من أبطال كانوا ملء الأسماع والأبصار من هؤلاء الذين وقفوا وقفة الرجال ضد من أراد بلادنا بسوء، حيث ما زالت ذاكرة التاريخ تتذكر رجالا صدقوا ما عاهدوا عليه من وقفة العزة والكرامة التي وقفوها ضد أي تدخل في سيادة البلاد مثل : أحمد عرابي ، وسعد زغلول، ومصطفي كامل ، وغيرهم في مصر .

أما في ليبيا فقد كان هناك من وقف بسيفه وفرسه يحارب دولة من دول الاحتلال العنيف، بل المجرم جاءت ايطاليا بجيش جرار، وهي تظن أنها ستنعم بخيرات ليبيا، فوجدت رجلا بأمة رغم قلة الامكانات والمعدات وقف لها بالمرصاد مجاهدا في سبيل تحرير البلاد، وكانت مصر الأبية في ذلك الوقت تقف معه بكل ما تملكه من مقدرات دون خشية أو خوف من أحد سوى نصرة الشقيق وإغاثة الملهوف.

وإذا أنت أردت أن تكشف عن هذه الشخصية المجاهدة عمر المختار ، فلن تجد من الكلمات ما يسعفك بتصوير هذه البطولة العظيمة التي قدمها ذلك الباطل بملامحه السمراء، وبملبسه البسيط مثل غيره من شعب ليبيا دون أن يتميز عن أحد متهم سوى بأن يكون حادي الركب، ولسان حاله يقول: أنا الليبيي الذي لا يخشى سوى مولاه، ولا يعمل لحساب أحد، وإنما ابتغاء مرضاة الله، فلا جهوية ، ولا عصبية ولا قبيلة، وإنما مصلحة البلاد والعباد، وحتى وهو في آخر لحاظاته، وهم يقودونه إلى حبل المشنقة ؛ ليتم إعدامه في ساعة فارقة من الساعات التي لم ولن تتكرر، يرفع رأسه في شموخ عجيب، ويكفي أن تملي عينيك من هذه الصورة الحقيقية لهذا الرجل وهو يذهب إلى حبل المشنقة يرفع رأسه في عزة وشموخ، وتشرئب عنقه دون ذل وانكسار، وإنما يقرأ مستقبل الأيام: بأن الله سينصر من يرفع الراية بعده ، ويسير على خطاه ، فما فرط وداهن، ولا خان ولا اعتمد إلا على الله عز وجل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى