أدب

وقتَ تغربُ الأحلام

بديع صقور| سوريا

بعدَ أنْ التهمتْ نارُ الحرب زرعَ حقولنا،
وزيتونَ كرومنا .. وحصيدَ بيادِرنا !.
ماذا علينا أن نعمل ؟!
– بأيّ قمحٍ سنعبيءُ عنابرَ بيوتِنا الفارغة ؟!
– بأيّ زيتٍ سنملأُ خوابينا التي تصْفرُ فيها الريح ؟!
– إلى أينَ ستمضي بنا هذهِ الحرب؟!

نهرُ الرماد:
الأمسُ نهرٌ من رماد ..
” كلُّ أمسي فيك يا نهرَ الرماد “*
طيورُ أروحنا هجرتْ أعشاشها ..
القاطنونَ على حدودِ السراب،
أغلقوا نوافذَ العمرِولحقُوا بالطيور المهاجرة.
الهاربونَ من الحرباحترقتْبساتينُ أعمارهم ,
وصارتْ” أثراً بعدَ عين”*

_____
* مابين قوسين للشاعر اللبناني خليل حلوي، الذي انتحر يوم اجتياح الجيش الإسرائيلي المحتل إلى بيروت، عاصمة لبنان عام ٢٠٠٦

دارتْ عجلاتُ الأّيام ضجرةً:
-على الكثيرِ من الراحلين،
ممن سقطُوا فوقَصدرِالتراب.
-على الراحلِ من السنين
وعلى العمرِ السراب ..
” كلُّ أمسي فيكَ يا نهرَ الرماد”!
في لجّة البحرِ أضعْتُ سَمْتَ الرجوع
بأيةٍ خيوطٍ سأرفو أشرعتي الممزقّة؟!
بعد أنْ أضعتُسمت الرجوع،
إلى أينَ سأُبحر؟

امرأةٌ في البعيد:
روحي غيمةٌ يُطاردُها الرصاص..
قلبي يميلُ لامرأةٍ تسكنُ في النهار البعيد..
المراكبُ تستدرجُ طيورَ البحر إلى صواريها..
باعدتْ بيننا السماء
انسحبَ المغنّي ،
وتلاشى صوتُها في البعيد.
*** ***
امرأةٌ في البعيد..
غيمةٌ يطاردها الرصاص
الهضابُ تنتظرُ رجوعَ السفن..
غيومُ الصيفِ لا تحملُ مطراً..
يبستْ حقولُنا..
هذا الزبدُ يداعبُ حبّاتِ الرمل..
في بحرِ اللاذقية..
ثمةَ نورس يلهو مع الموج..
فوقَ الجبال..
ثمّةَ قُبرةٍ تصلي للسماء.
ثمّةَ نهارٌيبتسمُ للزغاليلِ
العائدينَعصراً من مدارسهم ،
وثمّةَ نجمٍ
ينامُ على صدرِ امرأةٍ
تستريحُ فوقَ سرير الريح.

بين أحضان الظمأ:
“وجئتُ كاللوزِ بسّاماً على ظمأٍ
وهمْتُ كالعمرِ محْمولاً على سنمِ “*
*** ***
في حقولِ الحربِ تموتُ الزهور..
في حضرةِ الموتِ تغْربُ الأحلام..
في حضرةِ المطرِ يتلاشى الظمأ.
*** ***
المطرُ قادمٌ..
تبسّمي يا زهرةَ اللوز..

حيثُ أنتِ يصحو الصباح،
وتُغرّدُ البلابل.
حيثُ أنتِ الملائكةُ العشّاق
يختبئونَ بينَ أحضانِ النسيم.
حيثُ أنتِ تغنّي الشحارير،
وترقص العنادل ،
ويهطلُ المطر
حيثُ أنتِ..
النهارُ شرشفٌ من زهورٍ
يُغطي صدورَ الجبالِ العارية.
*** ***
أيُّ ذنبٍ اقترفتهُ هذه الزهرة
كي توقظُوها برصاصة ؟
هي زهرةٌ في حديقة روحي ..
دعوها غافيةًبينَأحضانِ الندى..
دعْها يا ” سيافَ الزهور”
وأعدْ سيفك إلى غمدِه.
دعْها تنامُ بعمقٍ بينَ أحضانِ الندى.
هي زهرةٌ..
خلُّوها وادعةًتغفو مع أحلامها
بين أحضان المطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى