‏حصان فِضّة

خالد جمعة | فلسطين

 

سربُ سنواتٍ يمرُّ أمام النافذة، كحبل غسيلٍ طويلٍ طويلْ، فرسانٌ يسقطون عنه في سلال السوق التي تحملها أيدي نساءٍ منهكات، أقلهن بتسعة أطفال.

///

يتأمّلُ الأولادُ الخارطةَ التي لها شكلُ خنجرٍ، فيما يحاولون تعديل الالتواءات بالرسم، فتعود الخارطة إلى طبيعتها حين ينتهون، والآباءُ يتمنون أن يتلهى الأولاد بالرسم ولا يعودوا إلى الأسئلة التي تشبه مسلّةً في القلب، لكنهم يصرّون على كتاب الجغرافيا بالذات، ينفضونه من الحدود الكثيرة في صفحاته، ويلونون كلام المدرّس بالأحمر [علامة الخطأ]، الأستاذ يأخذ صفراً في الصدق، والخارطة تتكسّرُ كفيلم رسوم متحركة.

///

الأملُ لا يُباع في السوق، هذا ما قالته الأمُّ وهي عائدة من سوق فارغٍ، بجيوب أكثر فراغاً، وهناك جواب واحد جاهز دائماً عن كل الذين يسقطون: لقد تعبوا، ويحاولون أن يحولوا التعب إلى شعرٍ كي نحبّهم، فيقول الولد: كوني معلمتنا إذن يا أمي، فتحتضنه وتخرجُ حصان فضةٍ من [عبّها]، وتمسحه بكفٍّ من حنين: طالما ظل هذا الحصان يركض في صدري، فالأشياء بخير.

///

كل أمٍّ لديها حصان فضةٍ حتى وإن لم تخرجه ليراه الأولاد، وكلّ حصانٍ يعرف الصدر الذي ينتمي إليه، وكلّ الأحصنةِ أخوةُ الريح، وحافظات أسرارٍ لا تضاهى، وقدرتها على قفز الأوقات والحواجز لا يجاريها أحد.

///

كلٌّ ولدٍ هو احتمالُ حصانِ فضّة كذلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى