ضد الغزو.. في فلسفة الأخلاق مرة أخرى
د. خضر محجز – غزة – فلسطين
يخلط الناس بين مفهومين كبيرين بينهما فرق شاسع: التسامح والعفو:
فالتسامح هو: أن لا تغضب من إساءة أحدهم إليك، بالاعتداء على شيء لا يهمك كثيراً. مثال ذلك أن يزني أحدهم بحليلتك ـ عن تراضٍ منهما وتشاورٍ ـ فلا ترى في ذلك بأساً، طالما كان ذلك بموافقتها: ذلك أنك «رجل حر» وامرأتك «سيدة حرة» وأنت تؤمن بحقها في التصرف في جسدها «وصاحبها رجل حر» إذ لم يغتصبها بل لبى «رغبتها الحرة» فحسب.
أما العفو: فأن يسيء إليك أحدهم، فيعتدي على أمر يهمك جداً، ثم يأتيك تائباً، وقد أعاد ما أخذه، أو استهلكه فاستسمحك لوجه الله. وهذا متعلق بحجم ما اعتدى عليك به «المعتدي التائب» مثال ذلك أن يغتصب أحدهم زوجتك ثم يأتيك تائباً.
ثمة أمر بالتصرفين ـ التسامح والعفو ـ وهو شعور الذي أساء إليك إن لم تقبل مسامحته أو العفو عنه.
ومن هذا قد رأيت من أخذ الناس إلى موتهم، ثم اعتذر، فلما لم تقبل عذره غضب منك، فكأن كان من حقه إذ جاءك تائباً أن تنسى جريمته في حق ولدك. هذا الصنف من الأشياء يريد منك أن تعفو عما لا يعفو عنه الله.
لقد غضب منك واتهمك بعدم التسامح، وجاءك أمثاله يلومونك، إذ حُقَّ عليك أن تقدم له الاعتذار، إذ اعتذر لك عن قتله ولدك فلم تقبل.