د. حسين عبد البصير وكتاب سِحر الإسكندرية التاريخ على طبق من ذهب
منال رضوان | أديبة وإعلامية
– تعد هذه الدراسة من المذهبات في عصرنا الحالي، تناول دكتور حسين عبد البصير مدير عام متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية من خلالها تاريخ هذه المدينة الساحرة بتأصيل وتميز شديدين، صدرت هذه الدراسة عن دار كتوبيا للنشر والتوزيع وتعد توثيقا وتأريخا يبرز بشكل لافت مدى الجهد المبذول في إعداد دراسة تعد مرجعا لكل من يهتم بتاريخ مدينة الإسكندرية منذ القدم وحتى عصر قريب، قدم دكتور حسين بوصفه رجل علم من طراز رفيع رؤية ماتعة؛ بدت وكأننا نسبح لتشاهد أعيننا الآثار الغارقة أو التماثيل متقنة الصنع وغير ذلك من كنوز ألقى الضوء عليها بعين الأكاديمي المدقق، هذه الدراسة الداهشة والماتعة لم يقدمها حسين عبد البصير في قالب جاف يتسم بالمباشرة في طرح المعلومة بل على العكس فقد حرص على إخراج كتابه في شكل مبسط للقاريء غير المتخصص ورأيي انه أجاد في توصيل المعلومات المدعمة بعشرات من الصور الملونة وهي نقطة بدت غاية في الأهمية.
قسم دكتور حسين كتابه إلى ستة أبواب حمل العنوان الأول منها، الإسكندرية ابنة التاريخ ، موضحا التأصيل التاريخي لوجود الإغريق في مصر حتى أنشأ الإسكندر مدينته.
وتناول الباب الثاني ملكات سكندريات جميلات لا نعلم عنهن شيئا! فإذا بدكتور حسين يستخرج اللآليء من أعماق محارات التاريخ المجهول بالنسبة إلى معظمنا، فنعلم عن أرسنوي الثانية وكليوباترا الثانية والخامسة والسابعة وكيف كانت تدار الأمور وتحاك المكائد في القصور في اسلوب علمي وقلم لا يجانبه الصواب ولا يخلو من متعة وتشويق لأستاذ حكاء من طراز رفيع.
ويقدم لنا الفصل الثالث المعلومات عن آثار الإسكندرية الساحرة؛ وتميز هذا الباب بالثراء المعرفي وحسن تقديم المعلومة مدعمة بالصور والشرح التفصيلي، فنعلم الكثير عن فيلا الطيور ولغز ثونيس- هيراكليون وحمامات الإسكندرية وغير ذلك.
وينتقل بنا الأثري الكبير في رحلة استكشافية حيث متاحف الإسكندرية الجميلة في الباب الرابع من تحفته الأنيقة فيأخذنا في جولة تبدأ من المتحف اليوناني الروماني حتى متحف اليوناني كفافيس شاعر الإسكندرية الأشهر مرورا بمتحف المجوهرات الملكية ومتحف الفنون الجميلة وغيره.
حتى نجد أنفسنا أمام ملتقى الأديان وصبغة محببة من نبات حناء أصيل العبق خضبت به رأس هذه العروس التي تحمل حضارة كوزمو بوليتان ويعيش سكانها في ظل وشيج نادرا ما قد تجده في مدن او بلدان أخرى.
ليطرح لنا الباب الخامس كافة المعلومات والوثائق الخاصة بالمعابد والكنائس والمساجد مع تقديم أمثلة محببة لكل مما سلف وذلك في باب يحمل عنوان الإسكندرية حاضنة اليهودية والمسيحية والإسلام.
وبالطبع تلك الماسة المشعة بالنور نحو العالم بأسره في وسط المدينة وهي مكتبة الإسكندرية، لابد وان يكون لها النصيب من كتابة مدير متحف آثارها فكما نقول أهل مكة أدرى بشعابها لذا فالأستاذ الدكتور حسين عبد البصير هو أقدر من يتكلم عن تلك الدرة المثمنة، فيتناول آثارها ويتكلم بشيء من تفصيل ماتع عن متحفها وتماثيلها كرأس الإسكندر الأكبر وتمثال بطليموس الثاني وغيره.
وبحق نعتبر هذه الدراسة بمثابة الدليل الجيني وكتاب حل الشفرة الوراثية للمجتمع السكندري والتي توصل دكتور حسين إلي حل رموزها عبر عشرات الخرائط التي تجعلنا نعلم الكثير عن سِحر الإسكندرية.