واحةُ النّخِيل الأزرق ^
محمد خلاد السكتاوي | المغرب
الصورة :باب قلعة النخيل ( مدينة فگيگ )
هذه أنتِ نخلة زرقاء
من فوق الغمام
تُلقين جدائل ظلالك على الفجاج
وتزُيلين عنِ الأبواب الأغلال
بحوافر خيول الفُرسان
نقشتِ كل الأسماء
التي علمها اللّهُ للإنسان
على ألواح الحجر
ومن جذورك في الأغوار العميقة
نهضتْ حروفُ التاريخ
صاعدة إلى ذروة الجبل الأسير
إليك أتَيتْ
أتطهّرُ بصَفاء ليْلك
فغمَرتِني بأنوار نجومِك
حتى فقدتُ حواسي و غاب عني الوجود
وانطلقتُ حرّا خفيفاً
أتَعَقَّبُ زَفِيفَ الريحِ
في أعطاف الوادي
وأنقِّب عن سر ينابيع الماء
كانتِ الطريق ظليلة
تمتد في جنة الواحة الوارفة
رأيْتُ الرُّمانَ يكْبُر في زهرة الجُلَّنَار
والتِّين يخْلَعُ بُردَتَه على الأرواح اللامرئية
وزيتونة مقدسة يكاد زيتها يضيء
قبل أن تمْسَسْها شرارةُ حروفك
واقفا على حافة الجُرف المُشْرِفِ على المدى
رأيتُ الحقّ يتلألأ فيك
بين وُرَيْقاتِ الدفلى وزهْرِ اللّوز الأبيض
فاقتربتُ منك
لعلي أَمْسك قبساً
يبرُقُ فوق الصوامع الحمراء
فوجدتُ نفسي أمسك كلَّ قصور الصحراء
وسبْعة كواكبٍ* تُطِلُّ من شرفات الأيام
فآلْتَبَس عليَّ الحق
وحِرْتُ ما إذا كنتِ هُو أو صورتَهُ
أوْ مِشكاتَه تُشِعِّين بنوره؟
في خشوعٍ صُوفِي
أخذتُ المشكاةَ
ومضيتُ في فيض الجمال
أسمع ترتيلاتِ أنْوالِ نساء الحرير
يَحِكْن هديلا شجيا
في بيوت الطين المزخرفة
بمُنَمْنَمَات جُذُوعِ النخيل
كأنَّه حلمُ غفوة
كنتِ تركضين في البريّةِ
بعيدا عن تُخومِ الوهْم
وأركض خلفكِ
أطرق بابَ مسجدك الكبير
وأسْتَجْلي فيكِ أنا المُرِيد
جوْهرَ كَيْنونتي
——————
^تتفرد مدينة فگيك المغربية بواحتها الساحرةى ونوع نادر من ثمر النخيل طيب المذاق يسمى “أزيزة ” وهو اسم أمازيغي يعني الأزرق
^تتوزّع أحياء فگيگ على سبعة قصور وكأن أهلها اختاروا أن يكون لكل يوم في الأسبوع قصر.