الفُري “السمّان”

كيفهات أسعد | شاعر عربي مغترب

تلك البلدة الممتلئة بالشوارع؛ الممتلئة بأرقامٍ “زوجية” لبيوتها،

فمثلاً: في شارع بيتكِ الرقم 12A يغازل الحرف الثاني من الأبجدية ؛

تلك البلدة الممتلئة بالكلاب التي تجر خلفها عجائزَ ومسنين؛

تلك الكلاب التي تنبح عند كل شجرة أو عمود نور؛

تنبح بحزن وتواصل مسيرها.

تلك البلدة الشرهة للوقت،

تغزل من الساعات والأيام والشهور وشاحاً بسيطاً برائحة التفاح صيفاً،

ولون الثلج المشوي على آهات شتائي.

أراكِ وأنت تطلين من البرندا بإطلالتك السخية،

فينهض من نومها عبير الزنابق من الساحة المقابلة وينحني مجسم “الغوريللا” منتشياً،

وتكبر فراخ طيور “السمّاني” كالصبايا،

وتصير عرائسَ بفساتينها الملونة،

وحدها ذكرياتي معطوبة في مكانها،

فأنا ذاك المجسّم الذي تتأملينه كل مساء، وأنتِ تشربين شايكِ،

فآتيكِ في الخرافة شبحاً،

أنام في تلك الكتل الاسمنتية التي تصطف أمامكِ،

وأنا في تلك الثريا المنسوجة من الريش المعلقة في سقف غرفتكِ، ودبابيس شعركِ.

أنا الممر بين غرف بيتكِ، وأنتِ تسمعيني في بكاء العجائز، وصراخ السكارى.

ترينني خلف زجاج السيارات الغامقة فأراكِ بهشاشتك وجبروتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى