التربية الإعلامية إحياء للعقلية النقدية 

رشا عبد اللطيف |إعلامية بالهيئة الوطنية للإعلام (إتحاد الإذاعة والتليفزيون)

التربية الإعلامية حائط صد لحروب الجيل الرابع والخامس

أين نحن العرب من العقلية النقدية ؟ هل نتعامل مع الرسائل الاتصالية ومنها الإعلامية برؤية نقدية؟

هل نسعى لغرس مهارات التفكير الناقد في عقول أطفالنا؟ أسئلة كثيرة أبدأ بها كلامي لوجوب الإجابة عليها في ظل ما نشهده من تخبط وتضليل إعلامي، حيث تحاط بنا الشائعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة من مصادر متعددة تمثل أجندات ومصالح ليس في صالح الجمهور المستهدف ، وفي ظل ما نعاصره من مصطلحات جديدة لحروب من نوع جديد منها حروب الجيل الرابع والخامس التي تعتمد في الأساس على استهداف عقلية المواطن والتلاعب به بأستخدام أسلحة أيدلوجية وليست عسكرية كما هو كان معتاداً في الحروب الكلاسيكية التقليدية، وهنا تبرز أهمية بناء العقلية النقدية للفرد وذلك منذ مرحلة الطفولة حتى يتمكن من قراءة بين السطور واستنباط المعاني الخفية والاسقاطات التي يستقبلها يومياً في الرسائل الاتصالية التي يتعامل معها سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الإعلامي ، وهنا يبرز مصطلح جديد وغير مألوف على الثقافة العربية وليس بجديد على الثقافة الغربية وهو ” التربية الإعلامية ” ومرادفها في اللغة الإنجليزية Media Education، أو Media literacy  وهذا المصطلح يعنى التعامل الواعي والانتقائي باستخدام مهارات التفكير الناقد مع مختلف الرسائل الإعلامية ، واهتم الغرب في بداية الستينيات وتحديدا كندا واستراليا بغرس هذا المفهوم في المنظومة التعليمية في المدارس ونشر الوعي بها لدى الأسر والمؤسسات الدينية بهدف حماية النشئ من خطر مشاهد العنف المنتشرة في الأفلام والرسوم المتحركة، ثم تعالت الأصوات في مختلف الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية لتفعيل التربية الإعلامية كمادة دراسية إلزامية لطلبة المدارس لتمكينهم من التسلح بمهارات التفكير الناقد في التعامل مع وسائل الإعلام خاصا بعد انتشار العاب الفيديوجيم المليئة بالعنف والمشاهد الغير لائقة، كما تم تأسيس منظمات دولية مهتمة بالتربية الإعلامية تستهدف نشر الوعي بها ، والتربية الإعلامية في الأساس تستهدف أن تجعل من الجمهور مفكر ناقد، ومستهلك واعى، ومنتج مبدع لجميع أنواع وأشكال الرسائل الإعلامية أي جعل الجمهور أكثر إيجابية في تعامله مع وسائل الإعلام ، وتحويله من متلقي سلبي إلى متلقي إيجابي يعي ويدرك تأثيرات وسائل الإعلام عليه ، وقادر على التأثير بقوة على وسائل الإعلام ودفعها إلى خدمه مصالحه وقضاياه في المجتمع، بالإضافة إلى التمييز بين الأخبار الصادقة وبين الشائعات التي تعتمد عليها حروب الجيل الرابع والخامس وكذلك التأكد من مدى صحة المعلومات التي يتلقاها من وسائل الإعلام خاصة مواقع التواصل الاجتماعي وعدم نشره لأية أخبار بدون التأكد من مصدرها، وللأسف بدأت الدول العربية مؤخراً الأهتمام بالتربية الإعلامية وكانت على رأسها المملكة العربية السعودية التي سعت إلى دمجها ضمن المقررات الدراسية إداركاً منها لأهميتها، وقد أُقيم مؤتمراً دولىاً للتربية الإعلامية بالسعودية عام 2007 وحضره كل المهتمين بالتربية الإعلامية من مختلف دول العالم ، وقد تأخرت مصر كثيراً في هذا المجال إلا أنه في خطة مصر ورؤيتها نحو التنمية المستدامة 2030 تم تبنى التربية الإعلامية ومقوماتها المتمثلة في مهارات التفكير النقدي في رفع وعي المواطن وتحديدا الأطفال والشباب ضد مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة التي تستهدف بث حالة الفوضى والخوف في المجتمع ، إذن التربية الإعلامية حائط صد لمختلف الحروب الأيدلوجية الحديثة في زماننا المعاصر . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى