متاهة ملح..

الكاتبة صباح السباعي

في طفولتي، كلما انتابتني قرصة بكاء، كانت أمي تقول: ابلعيها ثلاث مرات، وفعلا أسكتُ، لا أدري السبب
وكأن البكاء لقمة عالقة في الفم، ولمَ لا تقول: الفظيها خارجًا؟!
ربما حسب خبرتها البلع أسهل.
واستغرق الأمر سنوات وأنا على هذه الحالة إلى أن فاجأني ألم شديد في معدتي غيّبني عن الوعي،
يستغرب الطبيب مارأى بمنظاره داخلها، بحيرة ملح، وشجرة أسئلة مائلة.
يأخذني على انفراد ويسألني كيف وصلتْ إلى هذه الحالة؟
احترتُ كيف سأبدأ الشرح له رميتُ جملة: حين عرفتُ شقيتُ
اندهش ولم يسأل فزدتُ: كنتُ متلهفة لأعرف فوقعتُ.
سقط القلب، تأقلمتُ بسخاء لدرجة أني صرت حيادية الشعور أميل لانعدامه أمام الصدمات، كُسرتْ يميني، فتغيّر المعنى الثابت لديّ، انقلبتْ المزهرية، اندلق ماتبقى من جوفها على كتبي، كل هذا لم أبكِ، كان بكائي بجوفي الذي أصبح فارغًا، رغم ذلك بقيتُ، فاعذرني
سأذهب في نزهة قصيرة في اللّا متناهٍ، أدور وأدور، رجاء لاتبحثوا عني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى