إضاءة على نص هناء الغنيمى

صلاح عبد العزيز | ناقد وشاعر مصري

يتصور البعض أن كتابة قصيدة النثر يمكن أن تكون بتلك السهولة بساطة المعنى بساطة التركيب بساطة الصورة والحق أنه لا يوجد أصعب من هذه القصيدة فخلف تلك البساطة عمق الرؤية ونظرة للعالم عميقة تجعلنا نقف أمام الصور الجزئية للوصول إلى الصورة الكلية للنص وبعيدا عن تماهى المفردات وما تستدعيه من وحشة وألم فى انسيابيتها من الفكرة الى الطائر الذى التقطها إلى الأعضاء التى يمكن أن يكون هى من التقطها الطائر فالزحف إلى الفكرة وعدم الوصول إليها جعل فراغات النفس عميقة رائحة الفكرة أم رائحة الفراغات أم رائحة الأعضاء التى مر عليها الكثيرون ولم يجدوها هل تلاشت الفكرة أم الأعضاء أم الفراغات وربما الإيروتكية فى النص تجعل الثلاثة شيئا واحدا هو الجسد الإنسانى الماء المنهمر بين ساقين ملساوين علامات تعبر بها العيون وماء تعبر به العيون العلامات والماء أم الساقين ( بهما ) للحلم نفق القمر فهل على الحكايات أن تأخذ من كل عضو (حرفا) أم علينا نسج هذه الحكايات على نغمة الأغنية المشهورة لجاك بريل المغنى البجيكى الذى اتخذ الفرنسية لغة لأغانية الحالمة فى برودة الجسد هوة فى طراوة الروح هوة ما بين الهوتين شفة تنفخ غيظا وعظام متناثرة نلتقى ما بين الهوتين فى العاصفة التى صنعها الغضب ولا شئ غير المتناقضات الفجر الذى لا يسمع والشروق الصامت وتأخر ساعى البريد والقطارات المتسارعة التى تعصف بالجسد وتعصف بالروح الفكرة إذن رغم أنها الجسد الإنسانى والروح اللطيفة إلا أنها أيضا تلك الوحدة الكئيبة فى انتظار الفجر والأمل بأن يأتى ساعى البريد. نص يستحق كل الإشادة والتقدير

***

نص هناء الغنيمى

 

أمامي فكرة

زحفت إليها كثيرا

و لم أصل

 

ذرفت أعضائي

التقطها طائر في السماء

و لم يسد فراغاتي العميقة

 

مر الكثيرون

و لم  يجدوا رائحة

 

حين حفرنا العلامات

على وجه الماء المنهمر

بين ساقين ملساوين

 

عبرت بهما العيون

لنفق القمر المجاور

و لكي لا تعبث بنا الحكايات

قصصنا من كل طرف حرفا

صنعنا منه ثوبا عظيما  نطرز به غروب شمسنا الساطعة

على أنغام

…..لا تتركيني …..ل  جاك بريل

 

سنلتقي في هوة مناسبة أعددتها لك على شفتي

انفخ قليلا و لتأخذنا  الرياح على محمل الجد

 

تحمل وزر عظامنا المتناثرة مع كل عاصفة أتت

من برودة الجسد و طراوة الروح

 

التفت خلفي

لأجد كل شئ و نقيضه

تأخر ساعي البريد

و أذن الفجر صامتة

أثار شغفها نداءات القطار المتسارعة

التي توشك على المرور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى