أنقذوا المرأة في عصر الثورة الرابعة

محمد القليصي كاتب صحافي | اليمن

على أعتاب العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، كل شيء تغير تقريبا ابتداء من الذرة وانتهائا بالعقل الذي اكتشفها. الأنظمة الاجتماعية في تغير مستمر. والتطور الذي تعيشه البشرية بات ملحوظا.

كل شي في تقدم وتغير مستمرين إلا القوانين التي تتعلق بالمرأة وحقوقها فلم يحدث فيها أي تغيير فعلي؛ كل ماهنالك أخبار تكتب على السطور وخطابات دينية هنا وهناك واجتماعات دولية وندوات محلية وناشطون وناشطات بُحَّت أصواتهم ولا مجيب.

باختصار شديد لم يزل النساء يعشن في العصور الغابرة.. ظلم وقهر وجبن وذل وخوف وغضب واغتصاب وتعدٍ وقوانين ظالمة، وعادات اجتماعية مقيتة ونضال مزور ومسح متعمد من التاريخ.

تعيش المرأة في وقتنا الحاضر أسوأ فترة زمنية مرت عليها منذ مجيئ حواء عليها السلام مقارنة بالتقدم الملموس الذي حققته البشرية في الحاضر.

ففي غرب الكرة الأرضية قوانين صاخبة تتاجر بالمرأة لتحقيق أرباح مالية وفي شرقها قوانين المستبدين التي ألغت دورها وجعلتها جارية وأوهمتها أنها جسد دون عقل أو فكر.

مما جعلها تعتقد أن وظيفتها الطاعة لبيت الزوجية والإخلاص له وجعلت من الطاعة معيارا أساسيا للشرف والذي يبدو وكأنه أمر خاص بهن ووصل تراجع العقل البشري إلى الحد الذي جعله يؤمن بأن شرف المرأة بيولوجيا. 

مظاهر التحرش بالفتيات على أرصفة الطرقات لا تنتهي وهي قضية مهمة وينبغي الحديث عنها والإسراع بابتكار الحلول للحد من انتشارها. والكثيرون من الناشطات النسويات حملن على عاتقهن هذه المهمة النبيلة وقد حققن الكثير في سبيل تحقيق أهدافهن. وقد قرأت العديد من المنشورات على فيسبوك وكذلك العديد من المقالات التي تتحدث عن قضية التحرش.

وإنني لأظهر استغرابا كبيرا كلما تردد هذا السؤال في خاطري: لماذا لا يتحدث الناشطون عن قضية الإذلال وامتهان كرامة المرأة المتزوجة التي لا يبخل زوجها الذكر في أن يلحق بها أشد الأضرار نفسيا وجسديا؟ ولماذا لا تظهر هذه الحالات على السطح لتكون محل اهتمام بالغ من قِبل العاملين أو المتطوعين في هذا المجال؟ 

نسبة النساء اللاتي يتعرضن للعنف الجسدي ومايلحقه من آثار نفسية لربما تجعل المرأة  تلجئ إلى الانتحار لتتخلص من كل مالحقها في ظروف بيئية معقدة وقوانين دستورية تظهر بوضوح نسبة عدائها للمرأة وعادات وتقاليد وأعراف بائسة تحرم على المرأة أن تتحدث بما تلقاه من حياة أشبه بالجحيم وكثيرا ماسمعت هذه العبارة من أمهاتنا وجداتنا “المرأة الشريفة هي التي تصبر” أكبر بكثير من أولئك اللاتي يتعرضن للتحرش على أرصفة الطرقات.. عادات وتقاليد تحرم على المرأة العمل. العمل الذي يعتبر أحد أهم العناصر لتحرير المرأة واستقلالها بفكرها ورأيها.

إن أكثر مايخيف الفتاة هي لقمة عيشها فهي مستعدة أن تضحي بنفسها وكرامتها في سبيل تحقيق الأمان الاقتصادي وبناءا على هذا فإن تحقيق الأمان الاقتصادي للفتاة لن يتحقق إلا بالطاعة فوالدها ينفق عليها مقابل طاعتها له واستجابتها لأوامراه ومقدار حبه لها بمقدار طاعتها له وهذا يتكرر بمجرد الخروج من قفص الأبوه والدخول إلى قفص الزوجية. 

لاشيء سيحرر المرأة وعقلها وفكرها سوى استقلالها الاقتصادي والمادي وهذا الشرط ينطبق أيضا على دول العالم الثالث فلكي تتحرر من التبعية والاستعمار عليها أن تستقل اقتصاديا وماديا وفي سبيل ذلك تقول د. نوال السعداوي ” يفقد الإنسان كرامته إذا عجز عن الإنفاق على نفسه.” 

كم نسبة النساء اللاتي يعملن؟ إن النساء اللاتي يعملن هن أقل تعرضا للعنف من قبل أزواجهن من أولئك اللاتي لا يعملن.. أوهموكِ بأن وظيفتك الإنجاب وتربية الأطفال والطبخ وغسل الملابس وكنس الأرض لقد أساؤا لكِ ولكن إساءتك لنفسك كانت أشد حينما صدقت الوهم الذي خدعوك به وبعد إن وصلت إلى مرحلة معينة وقمتِ بتنفيذ كل ماطالبوك به دون نقاش أو سؤال وبعد إن شاهدت أفعالهم القذرة  أصبحتِ تفضلين الموت وتطلبينه كل لحظة لكي تتخلصِ من الحياة بأسرها. 

إنني أشعر باليأس لواقع النساء اللاتي لا يستطعن أن يوصلن أصواتهن للرأي العام نتيجة الخوف الذي نشأن عليه في مجتمعنا المليئ بالشوائب واللغط هذا المجتمع الأبوي الطبقي العنصري الذي جعل من الذكر رمزا مهما وأعلى شأنه وجعله في أعلى الدرجات واستنقص المرأة حتى أوصلها إلى أسفل الدركات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى