دروب العقل
علي موللا نعسان | شاعر كوردي – سوريا
حاسَ القلوبَ دموعٌ صبَّها البشرُ
على شغافِ كرومٍ جاسها الخطرُ
//
والفكرُ ناشدَ في الأجواءِ مسألةً
تسبي الرياحينَ عطراً جادهُ المطرُ
//
والهمُّ شلّ دروبَ العقل معترشاً
كما الشتاءُ المعنَّى رابهُ القدَرُ
//
و الروح راحتْ تناجي غيمةً عبرتْ
فاجتاحها في سُدى ليلِ النهى الخَدَرُ
//
و عبرَ خوضِ العبابِ المجتبى تَثِبُ
على سهولٍ خيولٌ زادُها الفِكَرُ
//
تصارعُ النفسَ و الأهواءَ في شممٍ
يعاضِدُ المنتهى إن عادهُ الشذرُ
//
و الكربُ قفَّى ضميرَ القلب مرتقباً
كما الظلام المسجى وشّهُ الشجرُ
//
جدالُ كبحِ النوى أضنى حمى دعةٍ
و القلبُ يُضفي المنى إنْ جاءهُ الكدرُ
//
أخفى اللثامُ وجوهَ الحقِ في سخمٍ
و غاب عن عزمِ مطمارِ المنى الظفرُ
//
و الليلُ انجابَ في ترنيمةٍ صمَتَتْ
على شغافِ المدى إذْ هاجهُ القمرُ
//
و الأرضُ من رقصةِ الأقدارِ باسمةٌ
يطغى عليها الندى المزدانُ و النَّضَرُ
//
و العزفُ في حضرةِ الأوتارِ مُعْتَبَرُ
كما حنينُ الشَّذى للوردِ يعتصَرُ
//
و الشَّوقُ مُسْتعتبٌ من فرحةٍ هجرتْ
و الصَّبرُ تصقلهُ الأيامُ و العِبَرُ
//
مـاذا أقـولُ و قد حامتْ بنا هممٌ
و حلَّقتْ في السما ترجو هدى يَقِرُ
//
فجاوزت لوعةً تقتادُ وجهتَها
في لثمِ أفئدةٍ يجتاحُها الضررُ
//
وكـلُّ جهد سقاهُ العقلُ مـجتهدٌ
و كـلُّ ذنبٍ على الأصقاعِ مغتفرُ
//
إذا الجراحُ سعتْ في غمرةٍ تَعِبُ
جنى الفؤادِ و ما يرنو لها الظفرُ
//
لا يُفقَدُ الشرفُ المقدامُ في كبدٍ
إن ساقه أملٌ فيما يقي النَّظرُ
//
عهدُ الوئامِ سعى في مهجةٍ شغفاً
حيثُ الودادُ بدا يشتاقهُ الخبرُ
//
إنَّ الصلاحَ سبيلٌ زادَهُ أملٌ
و إنَّ حقلَ الورى قد عزَّه الثَّمرُ
//
عاتي الضغينةِ لا يحتاجُ مأثرةً
على متونِ الرضى إنْ عابهُ الشَّرَرُ
//
فقلبهُ جزعٌ من هولِ معتركٍ
قدْ جابهَ الفكرَ و الغاياتُ تبتدرُ
//
مَن زعزعَ الناسَ عن مضمارِ مكرمةٍ
من الخصالِ و سابى الوجد يحتضر ُ
//
فصاحب الجود لا يسعى إلى عِلَلٍ
و ليس فيهِ من الإجحافِ ما يزِرُ
//
فمنْ تجافى و أردى العقلَ في ترفٍ
وعاشرَ النَّذْلَ فيما رامَ لا يقرُ
//
إن العقولَ حقولٌ سادها شَجَرُ
وإنَّ نبعَ الرؤى قد حابهُ المطرُ
فالبأسُ مُستطردٌ من عبرةٍ ذُرِفَتْ
و القلبُ تلقُنُهُ العثراتُ و الحذرُ
//
إنَّ الحقيقةَ دربٌ حفَّهُ هدفٌ
و ليسَ كأسَ الهدى فألٌ بهِ خبرُ
//
و ما الحياةُ سِوى كدْحٍ تُخالجِهُ
آلامَ قلبٍ معنَّى حاطَهُ الخفَرُ
Oslo 30-8-2020