فتاة تضع قلنسوة.. قصة قصيرة

رضى كنزاوي | المغرب

أزرق شاسع يغمر جدران البيت، و تتمدد بجواري، مرتخية لا مراعية لأصول اللباقة، صاحبة البيت، أو حبيبتي، مرتخية كالعشب، على الحاشية التي شاطرها جسدانا، وإلى هذا الحد، كنا قد كسرنا وفي ظرف جد وجيز، جميع القواعد، والحدود التي يستلزم عادة، ولا شعوريا، وضعها في علاقة عادية، فصرنا جسدا واحدا وروحا واحدة، كأن نسفوا على بعضنا، أو يمشي الآخر بجانب الآخر عاريا، بكل أريحية، وهو يفرك مؤخرته، أو يهرش عضوه، حتى كادت ظلالنا أن تزاول بدورها الاندماج المطلق. كلانا يحمل هاتفه، كانت مستغرقة تتفحص تطبيق الفيسبوك، بينما أكتب مايجول في خاطر المكان، ما سيكون وما كان، أن يبرز الكاتب محاسن أومساوئ الحدث بقلب أسلوب خالص.

تتدمر أحيانا، لأن شعرها خرج عن السيطرة كشِعري في القصيدة تماما، بعدما كان خانعا لقصة شعر ذكورية، قبل أربعة أشهر، قضاها كلانا بعيدا عن آخره في منفاه الخاص، تحت وطأة إجبارية الحجر الصحي.

لا أذكر، كم من الوقت مارسنا الجنس ذلك الصباح، فقد كنا قطيّ شارع شبقان، كانت صحراء لا يُروى ظمأها أبدا، وكان احتياطي الشهوة داخلي لا ينفذ كبيترول السعودية، وكان صحن البيت فوضى مخلفات حرب حب هوجاء، وترتدي “قبيتي” فتضع قلنسوتها، ولا أدري لما النساء تميل عادة لارتداء ملابس الرجال، خاصة الفضفاضة منها، ربما الجانب الذكوري من شخصيتها، الكامن في أقصى أغوار النفس، كان يميل إلى ذلك، أم أنها النزعة الشادة لاحتواء الآخر للأبد.

ونكسر رتابة الهدوء بين الفينة والأخرى، بقبلة صامتة ، قبلة لزجة، أفعوانية، مغناطيسية، رطبة كغيمة منقعة في نوبة مطر دافئ، وتبصرني بعيون أنثوية لا محالة، لكنها عيون قطاع طرق ، فيها من الشراسة ما يمزق محيطا بأسره، “لا أريدك أن تذهب اليوم”، انبرى صوتها فجأة، بغنج طفلة، وبعبوس لطيف، دُوِّن بفصاحة على ملامح وجهها . “ماكنت لأفعل، لو لم تكن للظروف الراهنة، الكلمة الأخيرة”، قلت، وانتابنا صمت طويل، صمت رمادي ثقيل، كنت حينها، أسب العالم والقدر والوباء، وظيفتي، وهذا الجبن الذي استولى علي من قبل الأشياء التي تمتلكني. قبلتها مجددا، وكانت قبلتي هذه المرة أكثر انغماسا، وسعيا إلى ما وراء القبلة، جذبتها إلي، فقالت في شبه تمنع “ليس بالضرورة أن تنتهي القبلة إلى السرير” كانت حزينة ، كلفافة بحار أطفأها الرذاذ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى