طلعة نقدية في قصة ( لدغة الأفعى) للأديب حمادة عبدالونيس الدرعمى

د. السيد خلف(أبو ديوان)-ناقد وشاعر مصري ومؤسس مدرسة الجن

.

تكثيف لافت، وإبداع فطري، ووعيٌ منذ البدء بعنصرة الأسس، مضيفا السعة المكانية إلى حيز معروف- مخلصا في توجيه المتلقي بعدمية الاختيار إلى فكرة متلازمة(الأصالة والمعاصرة)- واصفا إياه بالعراقة التي استمدت من أيقونة الزمن بهاءها في حركة تختال هياما لتنصهر الأفكارُ/ الأعمار في رأسه/ كأسه بآلة الجاني بغير متاب في جدران المغضوب عليهم؛ ليقطع الحدث المهيب سلطة صاحبة اللقطة/الملكة، وسطوة فحيحها الغامضة، قبل هروب غابة الألوان إلى كهوف الرعاة تارةً، ونزوع الحالمين إلى سراديب السعادة أخرى.

يرسم النائم سلوكا ميثولوجيا لذاته في إسقاط رمزي يعبر للرؤيا متجاوزا المقدس والمدنس معا، بصياغة دائبة الارتقاء في كلا الطابعين: المنطوق، والمسكوت عنه الذي يساويه في ماهية التصور وطغيان الواقع ومدى ذوبان أيهما حين يستغرقه الثاني، تتماس مع تأويلات الذات، وتتوسل بمقاربات تقنية الحلم أو الاسترجاع( Flash Back)؛ لتسويغ قبول الآخر.

والطريف أن العالم العجائبي الذي (حَضَّره) العفريتُ- أو تهاداه- في وَحدة الأمكنة والأزمنة(الزمكانية) لم يعد من غير المنطق أن نستوعب وجوده، مع ما فيه مِن وحشة وتيه وغرابة وتناقض؛ لغزْلِه أنقاضَ التشظي في سلك لازوردي السبك، محكم البناء، يشبع الإنسانَ ولا يمنع الحيوان، متفقا مع الإنس أو مختلفا مع الجان. فلا ماتت غنمه، ولا هوت قدمه، ولا خارت قواه، ولا خذله مولاه، ولا عصفت به محن، ولا أضحت(نُعَيْمَةُ) بلا(حَسَن).

إنَّ نصًّا قصيرا- أو قصيرا جدا- يبحر في التراث الإنساني رحلة ماتعة بأشرعة اللغة الحية حاملا فيها من كل أزواجا أزواجا، تتواصل دهشته الدرامية في ديناميكية الحكي ستا وثلاثين دفقة، نصيب المضارع فيها ثمانية وعشرون حضورا صريحا، وإن كان مباشرا، على حين يتوارى الماضي؛ استجابةً لضرورة استمرار العزف الليلي(السريع)، اللهم إلا في مراتٍ ثمان.

…وذكرى تُجْلسك- والتاج تحتَ بَلاطِ بلاطِك- بقصر الخلافة في أوج عصورها لم يغب عنها الماء والخضرة (والصوت) الحسن، ريثما تحرسك العصافير والكلاب وأشجار الكافور، ويزهر على عتبات الدست النوار وترقص الأزهار، وتحن إلى لفظ خلايا النحل فراشات المعنى، منذ مهد الحيوية والجمال مرًّا بصبا الفتوة والخيال حتى شيخوخة الحكمة والجلال لحَرِيَّان بتهنئة وادي عبقر ومملكة الجن بمولد سارد جني جديد جبل.. خبير بمسالك الدجل.. مقدما شهادتي إلى الله عز وجل، ثم إلى أهل الحرْف والحيل. بعد أن أشاد أرباب الفنون والبيان بسطور الرجل، والله من وراء القصد والعمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى