كي نبني الوطن
د. حنا عيسى | فلسطين
(بعد أن حصل على “الليسانس” بدأ في تحضير “الماجستير” وبعد أن حصل على الماجستير بدأ في “تحضير” الشاي للزبائن. لماذا؟ لأنه، ليس لدينا شباب عاطل بل معطل وليس لدينا مواطن جاهل بل مجهل وليس لدينا شعب غائب بل مغيب. لهذا السبب، مما يؤسف أنك ترى في المجتمع اناساً يحملون شهادات عليا في تخصصات علمية دقيقة، وهم يمارسون اعمالا أو وظائفاً لا تمت لتخصصهم بصلة. حيث، كثيراً نرى الشخص غير المناسب في المكان المناسب، لا يهمه أوضاع الناس وأمورهم، ولكن يهمه مصلحته الشخصية.. فكم من موظف بدرجات وظيفية متفاوتة من موظف عادي الى وزير لا يهمه من وظيفته إلا لأموره الشخصية ولقبه. وعلى ضوء ذلك أرى بان هجرة العقول من وطننا هو بحد ذاته استنزاف يتعرض له مجتمعنا الفلسطيني، ما دمنا نحن قد عجزنا عن ذلك، في هذا لا نستطيع ان نلوم أبنائنا الذين هاجروا، وربما فقدوا الولاء والانتماء معا. بل علينا ان نلوم نظامنا السياسي وأجهزتنا البيروقراطية التي دفعتهم في هذا الاتجاه).
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، يتوجب ان يتوفر في الشخص المناسب متطلبات أهمها: –
1-الكفاءة العملية العالية: – ولا يكفي في ذلك حمل الشخص شهادة علمية ولو عالية، فكم من اميين او انصاف المتعلمين يحملون شهادات الدكتوراه، الا ان العبرة اضافة الى الشهادة بالكفاءة العلمية الشخصية، وذلك امر ليس من الصعب تمييزه عند اصحاب الشهادات.
2-التخصص: – أي ان يكون الشخص من اصحاب الاختصاص في ميدان الوظيفة التي يراد تعيينه في منصب قيادي فيها، فلا يقبل ان يعين الاطباء كمفتشين عموميين ولو في وزارة
الصحة، او تعيين مهندس الكيمياء مديرا للري، او تعيين خريج الكليات البحرية مديرا للتعليم.
3-الخبرة العملية: – فلا تكفي الشهادة مهما علت ولا التخصص في تولي المناصب القيادية بل لابد ان يكون الشخص المرشح لمنصب قيادي ذي خبرة عملية وتطبيقية عميقة في ميدان عمله، ليكون خبيرا في اسرار وخفايا عمله ومؤسسته، والا فانه سيكون العوبة صغيرة في يد اصحاب الخبرة العملية في دائرته.
4- الحرص والجدية.
5- الشجاعة.
اضافة الى النزاهة ليكون فعلا شخصاً مناسبا لمكان مناسب
وتبدو اهمية هذه الالية المذكورة أعلاه، في مكافحة الفساد بانها تصلح لملاحقة المفسدين عن طريق رؤسائهم المباشرين إذا أحسن اختيارهم فعلا، وهي وسيلة ناجعة في مكافحة الفساد الكبير مثلما هي ناجعة في مكافحة الفساد الصغير.