منكِ تستمدُّ الملائكةُ نورَها
عفاف حسين الخطيب | سوريا
لَطالمَا حَاولتُ جَاهدةً، أنْ أَكتُبكِ بَأبجديةٍ لا تَتعدى حدودَها الثّلاثين
لكنّ كُلِ مُحاولاتِي بَاءَت بِصَاعقَة الفشلِ، حتى وأنّ قَواميسَ التاريخ وفَهارسها رَمت في وجهِي شَتائمُ الأطلالِ وهِجاءات القَبائلِ كافّة
أَيُعقل..؟! أنْ تَكُون نَفسهَا تِلكَ اللُغة التي ملأوا حشواتِ أُذني بها وبشِمُولِيتهَا مذُ نُعومة أَظافري…؟
وكيف لأمّ مثلها أنْ تَبخل على كاتبٍ فقيرٍ مِثلي، وُلد من أحشاءِ مذاهبها ومُشتقاتهَا بخزائنِ مَعانيهَا ولِطف عباراتهَا
ألَيسَ أنتُم مَن قُلتُم سابقاً
أنّ لُغتِنا تزخَرُ بذخائرِ الكلماتِ
وأنّ المعاني البيضاء لِليالِينَا السوداء حيثُ لانجدُ مَا يسعِفُنا من لعنةِ الخِصام بينَنا وأقلامنا..!
اليومُ هو الموعُود…هَا قَد أصابَتني بهْلَةُ الغباءِ
مَن يُصدِق أنّني عقيمةٌ في موهبتي؟؟ حتى وَقفتُ عاجزةً عن إنجابِ شبيهاً مجازياً لكِ
ذَاكِرتِي الحَبلَى بِأفضالكِ ترفضُ ولادةَ أي فكرةٍ تُشبهّكِ بها في مُحاوَلتها إثبات أنّك أشباه أنفسكِ الأربعون وفي قواعدنا لا يجتمعُ مرادفانِ في جملةٍ واحدةٍ
إِنّكِ يا أُمّي
تَقطنينَ في وَتينِ قلبي وأنا في قَلبِ اللغة مسكونةٌ
وفي أُسُسنَا مَحال أن يلتَقي سَاكنان
سَيبدو سَخيفاً إِن أَسميتَكِ بالروحِ ومَا شَابه
إنّ الغزلَ بِالأعضاءِ مُوضَةٌ قَديمةٌ خَاصَة وأَجسادنَا بِمحتويَتِهَا أَصبَحت سِلعاً تجاريةً
لاَ أخفي عَليكِ… عِبءُ الشّهادةِ ثَقيل جداً
يريدونَ مِني كِتابتَكِ أَلف مرة بلكنةٍ واحدةٍ،وقَد نَسَوا أَنّكِ من وَصايَا الله بَعده؟!
َأخشى ألّا أَرتَكِب إِثماً بِهذَا
إِنّ الوفاءَ عن الذمّة خيرٌ مِن مَقالاتِي البسيطة تِجاهَكِ
هَا أَنا أُعدّ طُقوسَ الكتابةِ خَاصتي،! حتّى الكَون مُوالياً ليّ في هذهِ اللحظة
فقد أوشكت على أن تُمطر هُنا
لعلّها إشارةٌ من السماءِ ليّ؛ فمَا فائدة أن أكتُبكِ بألوانِ الطّيفِ
ومنكِ تستمدُّ الملائكةُ نورَها؟؟!
بقيَ عليّ الآن استلهامُ قَلمي، سأحاولُ ثانيةً طرحَ قضيةِ صُلحنَا على طاولةِ مُفاوضاتِنا
إنّها السّاعة مَاقبلَ الأخيرةِ المُتبقيّة عَلى مَوعدِ انتهاءِ المُسابقة .!
أنَا التي وَصَفتِيني سَابقاً بفراشةِ الكتابةِ
تَقفُ اليومَ ابنتكِ يا أمي أَمامُ قلمها مَهزومةً،
فراشةٌ خَاملةٌ عن نثرِ طَلع وُرودِك وامتصاصِ رحيقكِ، حِيلتَها في السباحةِ
كحِيلَتي في وصفكِ مُحالة
واعذُرينِي يَا عَهد الله
إِنّكِ عِبارةٌ عِبريةٌ
وأَنا لُغتي على قَدرِهَا
أنهَكتُ نِصفهَا بالفطرةِ، والآخر ضاعَ في وصفكِ
كلّما حَاولتُ أن أدّسُ أَصّابعِي كَي أَشرَحكِ
تناثَرِ حِبرُ حُبي
وابتلَعَ الورقُ أَصابِعي
وكأنّ كلّ ما في الكونِ يسعى إقناعِي
لا أحد يَستطيع وصفَ ذمامِ الله.