الرَمَقْ الأخير
سمية صالح | مصر
أنْ كُنتَ تقرأ تلك الكلمات فلتعلم..
أنني بَلغتْ شط سلام النفس..
أرتضيت بكل شئ..
وتصالحت مع الأمس..
عادت الروح التي تركتني يوما”..
وذهبت أليك..
أنتظمت دقات القلب..
وما أصبح يُعْلِي وَتيرتها شئ..
قد يدعوه البعض يأس..
ولكنه ليس بيأس..
بل يقين راسخ..
رسوخ الجبال في الأرض..
ما عاد في الأمر لَُبْسُ..
لَستَ لي ولَستُ لك..
في الماضي القريب..
كانت تتقاذفني أمواجٌ عاتية..
وأنا لا حول ولا قوة بيدي..
كل ما بِي كان يقول لبيك..
كُنتَ بُوصلتي..
أينما أَشرتْ ذهبت..
محرابي الذي فيه تعبدت..
فيك لكل متاع الدنيا زهدت..
أَتَذْكُر ذاك اليوم حين أتيت..
طوفت حولي كثيرا”وطوفت..
كُنت كعبتك التي أليها حَججت..
وأنا كُنت الطُهر..
الذي صبَأَ بكل قلب..
تمردت عليك..
وأبتعدت كلما دنوت..
كثيرٌ ما لك نَهَرتْ وقُلتْ..
عُدْ من حيث أتيت..
ولكنك لم تُنصتْ قَطّ..
على قدر تمردي تشبثت..
كأنه سباق أردت أن تفوز به فقط..
وحين لشراعي على شاطئك أَسْدلتْ..
هَمَستْ الروح في أُذنيك..
وليتك لمقصدها وَعيت..
أنت الرَمَقْ الأخير..
لا تخذلني طالما حَيِيت..
أقسمت لي بربك..
أنك لن تترُكني يوم..
أنا حلم العُمر والمُستقرْ..
سعادتي غايتك وموضعي القلب..
ستفديني بالنفس أن لزم الأمر..
وأنا بك آمنت..
لم أكُن أعلم أنه سيأتي اليوم..
وأجدني بك صبَأَت..
لم أكُن أعلم أن هناك قلوب..
تتلاعب بقَسْم الرب..
لم أكُن أعلم ولكني معك علمت..
لعنة الله عليك بما أقسمت..
لعنة تلازمك طالما حييت..
ذاك ليس بحقي..
بل حق القَسْم الذي به حَنثتْ..
أما أنا فَعَنْ كل حقوقي تنازلت..
سامحت، لكي لا أراك قَطّ..
ولا يجمعني بك ميعاد يوم الحق..
ليُرَدْ الحق..
لكني أُقْسَم لك..
وأنت تعلمني عَلّمْ الحق..
أنْ أقسمت صدقت..
أنْ عُدت مثل ذي قبل..
سأستبيح دماء قلبك..
لن أقبلك وأنْ لأقدامي قَبَلّتْ..
وأنْ أستعنت بجن وشياطين الأرض..
وأنْ على أعتاب العرفات مكثت..
سحرك الذي به لقلبي ملكت..
بتشبثي بجوار الرحيم له أبطلت..
ما عُدت عاشقة لك..
أنت صبأت وأنا من شركك نجوت…
فلا تخضع لدقات قلبك أنْ أشتقت..
أبقى حيث أنت..
وأن كنت تموت قهرا”..
لا يعنيني الأمر..
ألقيت بك على أعتاب دقات الوقت..
ولظمأ روحي العطشى رويت..
بسُكنى رَحَابْ الرب..
تولاني برحمته وطَبتْ..
وجدته ملاذي الآمن..
والرَمَقْ الأخير عن حق..